فإن قلت : فقد قال تعالى : (يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) (طه : ٧) ، قلت : لأجل تناسب رءوس الآي.
ومنها أن يقع (١) التقديم في موضع والتأخير في آخر ، واللفظ واحد ، والقصة واحدة ؛ للتفنن في الفصاحة ، وإخراج الكلام على عدة أساليب ، كما في قوله تعالى : (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ) (البقرة : ٥٨) ، وقوله : (وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً) (الأعراف : ١٦١).
وقوله : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ) (البقرة : ٧) ، وقوله : (وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ) (الجاثية : ٢٣) ، قال الزمخشريّ في «كشافه القديم (٢)» : علم بذلك أنّ [كلا] (٣) الطريقين (٤) داخل تحت الحسن ؛ وذلك لأنّ العطف في المختلفين ، كالتثنية في المتفقين ، فلا عليك أن تقدّم (٥) أيّهما شئت ، فإنه حسن مؤدّ إلى الغرض. وقد قال سيبويه : ولم يجعل للرجل منزلة بتقديمك إياه ، بكونه (٦) أولى [بها] (٧) من الجائي (٨) ؛ كأنك قلت : مررت بهما ، يعني في قولك : مررت برجل وجاءني ، إلاّ أنّ الأحسن تقديم الأفضل ، فالقلب رئيس الأعضاء ، والمضغة لها الشأن ، ثم السمع طريق إدراك وحي الله ، وكلامه الذي قامت [به] (٩) السماوات والأرض ، وسائر العلوم التي هي الحياة كلها.
قلت : وقد سبق توجيه كل موضع بما ورد فيه من الحكمة.
٣ / ٢٨٨
القلب
وفي كونه من أساليب البلاغة خلاف ، فأنكره جماعة ، منهم حازم في (١٠) في كتاب «منهاج البلغاء» وقال : إنه مما يجب أن ينزّه كتاب الله عنه ؛ لأن العرب إن صدر ذلك منهم فبقصد (١١) العبث أو التهكّم أو المحاكاة أو حال اضطرار ، والله منزّه عن ذلك.
__________________
(١) تصحفت في المخطوطة إلى (أن لا يقع).
(٢) تقدم التعريف بالكتاب في ١ / ١٠٥.
(٣) ساقطة من المخطوطة.
(٤) في المخطوطة (الطرفين).
(٥) في المخطوطة (تعد).
(٦) في المخطوطة (تكون).
(٧) ساقطة من المخطوطة.
(٨) في المخطوطة (الجاري).
(٩) ساقطة من المخطوطة.
(١٠) تقدم التعريف به وبكتابه في ١ / ١٥٥.
(١١) في المخطوطة (فيقصد).