وقبله جماعة مطلقا ، بشرط عدم اللّبس كما قاله المبرّد في كتاب «ما اتفق لفظه واختلف معناه (١)».
وفصّل آخرون بين أن يتضمن اعتبارا لطيفا (٢) ، فبليغ وإلا فلا ؛ ولهذا قال ابن الضائع (٣) : يجوز القلب على التأويل ، ثم قد يقرب التأويل فيصحّ في فصيح الكلام ، وقد يبعد فيختص بالشعر.
وهو أنواع :
أحدها
قلب الإسناد
٣ / ٢٨٩ وهو أن يشمل الإسناد إلى شيء والمراد غيره ، كقوله تعالى : ([ما إِنَ] (٤) مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ) (القصص : ٧٦) ، إن لم تجعل الباء للتعدية ؛ لأن ظاهره أن المفاتح تنوء بالعصبة ، ومعناه أنّ العصبة تنوء بالمفاتح لثقلها ، فأسند «لتنوأ» (٥) [إلى] (٦) «المفاتح» ، والمراد إسناده إلى العصبة لأن الباء للحال والعصبة مستصحبة (٧) المفاتح ، لا تستصحبها (٨) المفاتح. وفائدته المبالغة ، بجعل المفاتح كأنها مستتبعة للعصبة القوية بثقلها.
وقيل : لا قلب فيه (٩) ، والمراد ـ والله أعلم ـ أنّ المفاتح تنوء بالعصبة ، أي تميلها من ثقلها. وقد ذكر هذا الفرّاء (١٠) وغيره.
وقال ابن عصفور (١١) : والصحيح ما ذهب إليه الفارسيّ أنّها بالنقل ولا قلب ، والفعل غير متعدّ ، فصار متعدّيا بالباء ، لأن «ناء» غير متعدّ ، يقال : ناء النجم ، أي نهض ، ويقال : ناء ، أي مال للسقوط. (١٢) [فإذا نقلت الفعل بالباء قلت : نؤت به ، أي أنهضته وأملته للسقوط ،] (١٢) فقوله : (لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ) (القصص : ٧٦) ، أي تميلها المفاتح للسقوط لثقلها.
__________________
(١) تقدم الكلام عن الكتاب في ٣ / ٢١٧ ، حذف المضاف.
(٢) في المخطوطة (لفظيّا).
(٣) في المخطوطة (الصائغ) وابن الضائع هو علي بن محمد ، تقدم التعريف به في ٢ / ٣٦٤.
(٤) ليست في المخطوطة.
(٥) في المخطوطة (لتوالي).
(٦) ساقطة من المخطوطة.
(٧) في المخطوطة (مستحقة).
(٨) في المخطوطة (لاستصحابها).
(٩) في المخطوطة (عنه).
(١٠) انظر معاني القرآن ٢ / ٣١٠.
(١١) هو علي بن مؤمن بن محمد ، تقدم ذكره في ١ / ٤٦٦.
(١٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.