قال : وإنما كان مذهب الفارسيّ أصحّ ، لأن نقل (١) الفعل غير المتعدي بالباء مقيس ، والقلب غير مقيس ، فحمل الآية على ما هو مقيس أولى.
ومنه [٢١٦ / أ] قوله تعالى : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) (الأنبياء : ٣٧) ، أي خلق العجل من الإنسان. قاله ثعلب وابن السكيت (٢).
قال الزجّاج (٣) : ويدلّ على ذلك [قوله تعالى] (٤) (وَكانَ) (٥) الْإِنْسانُ عَجُولاً (الإسراء : ١١).
قال ابن جنّي (٦) : «والأحسن أن يكون تقديره : خلق الإنسان من العجلة ، لكثرة فعله إياه ، واعتماده له ، وهو أقوى في المعنى من القلب ، لأنه أمر قد اطّرد واتسع ، فحمله على القلب يبعد في الصنعة ، ويضعف (٧) المعنى. ولمّا خفي هذا على بعضهم قال : إنّ العجل هاهنا الطين ، قال : ولعمري إنه في اللغة كما ذكر ، غير أنه ليس هنا إلا نفس العجلة (٨) [والسرعة] (٩) ، ألا ترى إلى قوله عقبه : (سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ) (الأنبياء : ٣٧) ، ونظيره (١٠) قوله : (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) (الإسراء : ١١) ، (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ٣ / ٢٩٠ ضَعِيفاً) (النساء : ٢٨) لأن العجلة ضرب من الضعف ، لما تؤذن به الضرورة والحاجة.
وقيل في قوله : (وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِ) (ق : ١٩) ، [أي] (١١) إنه من المقلوب ، وأنه (١٢) وجاءت سكرة الحق بالموت (١٣) ، وهكذا في قراءة أبي بكر (١٤).
__________________
(١) في المخطوطة (ثقل).
(٢) هو يعقوب بن إسحاق تقدم التعريف به في ١ / ٤٠٢.
(٣) انظر معاني القرآن وإعرابه ٣ / ٣٩٢.
(٤) ليست في المطبوعة.
(٥) تصحفت في المخطوطة إلى (وخلق).
(٦) الخصائص ٢ / ٢٠٤. بتصرف.
(٧) في المخطوطة (ويصغر).
(٨) في المطبوعة (العجل) والتصويب من الخصائص والمخطوطة.
(٩) ساقطة من المطبوعة.
(١٠) في المخطوطة (فنظيره).
(١١) ساقطة من المخطوطة.
(١٢) في المخطوطة (القلوب أي).
(١٣) تصحفت في المخطوطة إلى (الموت بالحق).
(١٤) وهي قراءة أبي بكر الصديق وأبيّ رضياللهعنهما (ابن خالويه مختصر في شواذ القراءات : ١٤٤).