السادس
تغليب الجنس الكثير الأفراد على فرد من غير هذا الجنس
مغموز فيما بينهم بأن يطلق اسم [ذلك] (١) الجنس على الجميع
كقوله : (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ* إِلاَّ إِبْلِيسَ) (٢) ، (ص : ٧٣ ـ ٧٤) ، وأنّه عدّ منهم ؛ مع أنه كان من الجنّ ، تغليبا لكونه جنّيا واحدا فيما بينهم ، ولأنّ حمل الاستثناء على الاتصال هو الأصل. ويدلّ على كونه من غير الملائكة ما رواه مسلم في «صحيحه» : «خلقت الملائكة من نور والجن من النار» (٣).
وقيل : إنه كان ملكا فسلب الملكيّة ، وأجيب عن كونه من الجن بأنه اسم لنوع من الملائكة.
قال الزمخشريّ : كان مختلطا بهم ، فحينئذ عمّته الدعوة [بالخلطة] (٤) لا بالجنس ؛ فيكون من تغليب الأكثر.
هذا إن جعلنا الاستثناء متصلا ؛ ولم يجعل «إلا» بمعنى «لكن».
وقال ابن جنّي في «القد» (٥) : قال أبو الحسن في قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) (المائدة : ١١٦) ، وإنما المتّخذ [إلها] (٦) عيسى دون أمه ؛ فهو من باب :
لنا قمراها والنجوم الطوالع (٧)
__________________
(١) ليست في المطبوعة.
(٢) انظر مفتاح العلوم للسكاكي ص ٢٤٢ تقييد الفعل.
(٣) أخرجه من رواية عائشة رضياللهعنها ، مسلم في الصحيح ٤ / ٢٢٩٤ كتاب الزهد ... (٥٣) ، باب في أحاديث متفرقة (١٠) ، الحديث (٦٠ / ٢٩٩٦) ولفظه «خلقت الملائكة من نور ، وخلق الجان من مارج من نار ...»
(٤) ليست في المخطوطة وانظر قول الزمخشري في «الكشاف» ٣ / ٣٣٤ ضمن تفسير الآية من سورة ص.
(٥) هو عثمان بن جني أبو الفتح تقدم التعريف به في ١ / ٣٦١ ، وكتابه «القد» تقدم التعريف به في ٢ / ٣٩٩ ، وأبو الحسن هو الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة تقدم التعريف به في ١ / ١٣٤.
(٦) ليست في المطبوعة.
(٧) هذا عجز بيت للفرزدق ، انظر ديوان الفرزدق ص : ٤١٩ ضمن قصيدته (أولئك آبائي) وصدر البيت :
أخذنا بآفاق السماء عليكم |
|
لنا قمراها والنجوم الطوالع |