بأنّه استوى إلى السماء ، وأنّه أتمّها وأكملها سبعا في يومين ؛ فأتى في هذا (١) [النوع بضمير الغائب ، عطفا] (١) على أول الكلام في قوله : (١) ([قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ] (١) فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ* وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ [مِنْ فَوْقِها]) (٢) (فصلت : ٩ ـ ١٠) إلى قوله : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ ...) (فصلت : ١٢) الآية.
والثاني : قصد به الإخبار مطلقا ، من غير قصد مدة خلقه ، وهو تزيين سماء الدنيا بمصابيح ، (٣) [وجعلها حفظا ؛ فإنه لم يقصد بيان مدّة ذلك ؛ بخلاف ما قبله ؛ فإن نوع الأول يتضمن إيجادا لهذه المخلوقات العظيمة في هذه المدة اليسيرة ، وذلك من أعظم آثار قدرته.
وأما تزيين السماء الدنيا بالمصابيح] (٣) فليس المقصود به الإخبار عن مدة خلق النجوم ، فالتفت من الغيبة إلى التكلم ، فقال : (زَيَّنَّا).
فائدة
وقد تكرر الالتفات في قوله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الإسراء : ١) في أربعة مواضع ؛ فانتقل عن الغيبة في قوله : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى [بِعَبْدِهِ]) (٤) (الإسراء : ١) ، إلى التكلم في قوله : (بارَكْنا حَوْلَهُ) (الإسراء : ١) ، ثم عن التكلم إلى الغيبة في قوله : (٤) [(لِيُرِيَهُ) (الإسراء : ١) ، بالياء على قراءة الحسن (٥) ، ثم عن الغيبة إلى التكلم في قوله : (آياتِنا) (الإسراء : ١) ؛ ثم عن التكلم إلى الغيبة في قوله] (٤) : (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الإسراء : ١).
وكذلك في الفاتحة ، فإنّ من أولها إلى قوله : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) (الفاتحة : ٤) أسلوب [غيبة] (٦) ، ثم التفت بقوله : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (الفاتحة : ٥) إلى أسلوب خطاب في قوله (٧) : (أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) (الفاتحة : ٧) ، ثم التفت إلى الغيبة بقوله : (غَيْرِ
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) ليست في المطبوعة.
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) ليست في المخطوطة.
(٥) ذكرها أبو حيان في البحر المحيط ٦ / ٦.
(٦) في المخطوطة مكان هذه الكلمة بياض.
(٧) في المخطوطة زيادة (ثم إلى قوله) بعد عبارة (في قوله).