وأعظم موقعا ، لتنزيله منزلة الواقع. والفائدة في المستقبل [إذا] (١) أخبر (٢) به عن الماضي لتتبين هيئة الفعل باستحضار صورته ، ليكون السامع كأنه شاهد ، وإنما عبر (٣) في الأمر بالتوبيخ بالماضي بعد قوله : (يُنْفَخُ) (النمل : ٨٧) للإشعار بتحقيق الوقوع وثبوته ، وأنه كائن لا محالة ، كقوله : (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً) (إبراهيم : ٢١) ، والمعنى : «يبرزون» ، وإنما قال : (وَحَشَرْناهُمْ) (الكهف : ٤٧) بعد (نُسَيِّرُ) (الكهف : ٤٧) (وَتَرَى) (الكهف : ٤٧) ، وهما مستقبلان ، لذلك.
التضمين
وهو إعطاء الشيء معنى الشيء ، وتارة يكون في [الأسماء ، وفي] (٤) : الأفعال ، وفي الحروف ، فأمّا في الأسماء فهو أن تضمّن اسما معنى اسم ؛ لإفادة معنى الاسمين جميعا ، كقوله [تعالى] : (حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَ) (الأعراف : ١٠٥) ، ضمّن «حقيق» معنى «حريص» ليفيد أنه محقوق بقول الحقّ وحريص عليه.
وأما الأفعال فأن تضمّن فعلا [معنى فعل] (٤) آخر ، ويكون فيه معنى الفعلين جميعا ؛ وذلك بأن يكون الفعل يتعدّى بحرف ، فيأتي متعديا بحرف آخر ليس من عادته التعدّي به ، فيحتاج إمّا إلى تأويله أو تأويل الفعل ، ليصحّ تعدّيه به.
واختلفوا أيّهما أولى؟ فذهب أهل اللغة وجماعة من النحويين إلى أنّ التوسع في الحرف وأنه واقع موقع غيره من الحروف أولى.
وذهب المحققون إلى أن التوسع في الفعل وتعديته بما لا يتعدى لتضمّنه معنى ما يتعدى بذلك الحرف أولى ؛ لأن التوسع في الأفعال أكثر.
مثاله قوله تعالى : (عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ) (الإنسان : ٦) ، فضمّن «يشرب» معنى «يروى» ، لأنّه يتعدى (٥) بالباء ، فلذلك دخلت الباء ، وإلا ف «يشرب» يتعدّى بنفسه ، فأريد باللّفظ الشرب والريّ معا ، فجمع بين الحقيقة والمجاز في لفظ واحد.
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) في المخطوطة هي (عبر).
(٣) في المخطوطة هي (يخبر).
(٤) ليست في المخطوطة.
(٥) عبارة المطبوعة (لأنه لا يتعدى بالباء) ، وما أثبتناه من المخطوطة.