وقال الزمخشريّ (١) في قوله تعالى : (لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ) (البقرة : ٨٣) ، ورود الخبر ؛ والمراد الأمر أو النهي ، أبلغ من صريح الأمر والنهي ؛ كأنّه سورع فيه إلى الامتثال والخبر عنه.
وقال النّوويّ في «شرح مسلم» (٢) في باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها [في النكاح] (٣) : وقوله صلىاللهعليهوسلم : («لا يخطب الرجل على خطبة أخيه ، ولا يسوم على سوم أخيه» ، هكذا هو في جميع النسخ ، «ولا يسوم» بالواو «ولا يخطب» بالرفع ، وكلاهما لفظه لفظ الخبر ؛ والمراد به النهي وهو أبلغ في النهي ، لأن خبر الشارع لا يتصور وقوع خلافه ، والنهي قد تقع مخالفته ، فكأن المعنى : عاملوا هذا النهي معاملة خبر الحتم ، ثم قال صلىاللهعليهوسلم : «ولا تسأل المرأة طلاق أختها» يجوز في «تسأل» الرفع والكسر ، والأول على الخبر الذي يراد به النهي ، وهو المناسب لقوله قبله : «لا يخطب ولا يسوم» ، والثاني على النهي الحقيقي) انتهى.
وضع النداء موضع التعجب
كقوله [٢٢٧ / أ] تعالى : (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ) (يس : ٣٠) ، قال الفراء : «معناه : فيا لها من حسرة» (٤)! والحسرة في اللغة أشدّ الندم ؛ لأن القلب يبقى حسيرا.
وحكى أبو الحسين بن خالويه في كتاب «المبتدأ» (٥) عن البصريين أن هذه من أصعب مسألة في القرآن ، لأن الحسرة لا تنادى ، وإنما تنادى الأشخاص ؛ لأن فائدته التنبيه ، ولكن المعنى على التعجب ، كقوله : يا عجبا لم فعلت! (يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ) (الزمر : ٥٦) [وهو] (٦) أبلغ من قولك : العجب. قيل : فكأنّ التقدير يا عجبا احضر ، يا حسرة احضري!
__________________
(١) انظر الكشاف ١ / ٧٨ ـ ٧٩ عند تفسير الآية (٨٣) من سورة البقرة.
(٢) انظر قول النووي في «شرح صحيح مسلم» ٩ / ١٩٢ كتاب النكاح ، باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها.
(٣) ليست في المطبوعة.
(٤) انظر قوله في معانى القرآن ٢ / ٣٧٥ عند تفسير الآية (٣٠) من سورة يس.
(٥) هو الحسين بن خالويه تقدم التعريف به وبكتابه «المبتدأ» في ٢ / ٣٦٩.
(٦) ليست في المخطوطة ، وعبارة المخطوطة (في هذا أبلغ).