وقرأ الحسن : يا حسرة العباد (١).
ومنهم قال : الأصل «يا حسرتاه» ثم أسقطوا الهاء تخفيفا ، ولهذا قرأ عاصم يا أسفاه على يوسف (يوسف : ٨٤).
وقال ابن جني في كتاب «الفسر» (٢) معناه أنه لو كانت الحسرة مما يصحّ نداؤه لكان هذا وقتها.
وأما قوله تعالى : (يا بُشْرى) (يوسف : ١٩) ، فقالوا : معنى النداء فيما لا يعقل تنبيه المخاطب وتوكيد القصة ؛ فإذا قلت : يا عجبا! فكأنك قلت : اعجبوا ، فكأنه قال : يا قوم أبشروا.
قال أبو الفتح في «الخاطريات» (٣) : وقد توضع الجملة من المبتدأ والخبر موضع المفعول به ، كقوله تعالى : ([وَلَكُمْ]) (٤) فِيها مَنافِعُ (غافر : ٨٠) بعد قوله : ([اللهُ] (٥) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها) (غافر : ٧٩) ، المعنى : ولتنتفعوا بها ، عطفا على قوله : (٦) (لِتَرْكَبُوا مِنْها) (غافر : ٧٩) وعلى هذا قال : ([وَ] (٧) لِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ) (غافر : ٨٠). وكذلك قوله : (وَمِنْها تَأْكُلُونَ) (غافر : ٧٩) ، أي ولتأكلوا منها. ولذلك أتى : (وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) (غافر : ٨٠) ، فعطف الجملة من الفعل ومرفوعه على المفعول له.
ونظيره قوله تعالى : (وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ [فَاتَّقُونِ]) (٨) (المؤمنون : ٥٢) ، [أي ولأنّي ربّكم فاتقون] (٧) ، فوضع الجملة من المبتدأ والخبر موضع المفعول له.
وبهذا يبطل تعلّق [من تعلق] (٧) على ثبوته في قوله تعالى : (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ
__________________
(١) قراءة الحسن ذكرها ابن البنا في إتحاف فضلاء البشر ص ٣٦٤.
(٢) تقدم التعريف بكتابه في ٢ / ٢٨٤.
(٣) تقدم التعريف بكتابه في ٢ / ٤٣٦.
(٤) ليست في المخطوطة.
(٥) ليست في المطبوعة.
(٦) عبارة المخطوطة (عطف قوله (لِتَرْكَبُوا مِنْها) ولهذا قال).
(٧) ليست في المخطوطة.
(٨) ليست في المطبوعة.