بعضهم بعضا ، وقولك اختلفوا كما سواء قولك : قتل بعضهم بعضا ، وقولهم : اقتتلوا. ومنه قولهم : لا أفعله ما اختلف العصران ، أي [جاء] كل واحد منهم بعد الآخر.
واختلف في قوله : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ) (النحل : ٦٦) ، فقال الكسائيّ ، أي من بطون ما ذكرنا.
وقال الفراء (١) : ذكّر لأنه ذهب إلى المعنى ؛ يعني معنى النّعم ، وقيل : الأنعام تذكر وتؤنث.
وقال أبو عبيدة (٢) : أراد البعض ، أي من بطون أيها كان ذا لبن.
وأنكر أبو حاتم (٣) تذكير الأنعام ، لكنه أراد معنى النعم.
تأنيث المذكّر
كقوله تعالى : (الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها) (المؤمنون : ١١) ؛ فأنث «الفردوس» ، وهو مذكّر ، حملا على معنى الجنة.
وقوله : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) (الأنعام : ١٦٠) ؛ [فأنّث «عشر»] (٤) حيث جرّدت من الهاء مع إضافته (٤) [إلى الأمثال ، وواحدها مذكر ، وفيه أوجه :
أحدها : أنّث لإضافة] (٤) الأمثال إلى مؤنث ؛ وهو ضمير الحسنات ، والمضاف يكتسب (٥) أحكام المضاف إليه ، فتكون كقوله : (يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ) (يوسف : ١٠).
والثاني : هو من باب مراعاة المعنى ؛ لأنّ الأمثال في المعنى مؤنثة ؛ لأن مثل الحسنة حسنة لا محالة ، فلما أريد توكيد الإحسان إلى المطيع ، وأنه لا يضيع شيء من عمله ؛ كأنّ الحسنة المنتظرة واقعة ، جعل التأنيث في أمثالها منبهة (٦) على ذلك الوضع ، وإشارة إليه ، كما جعلت الهاء في قولهم : راوية وعلامة (٧) ، تنبيها على المعنى المؤنث [المراد] (٨) في أنفسهم ،
__________________
(١) انظر قول الكسائي والفراء في معاني القرآن ٢ / ١٠٨ ـ ١٠٩ تفسير سورة النحل.
(٢) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة ١ / ٣٦٢.
(٣) هو سهل بن محمد بن عثمان أبو حاتم السجستاني تقدم التعريف به في ١ / ٣٠٩.
(٤) ليست في المخطوطة.
(٥) في المخطوطة (يكتسي).
(٦) في المخطوطة (شبهة على ذلك).
(٧) في المخطوطة (سرا وعلانية) والصواب ما في المطبوعة.
(٨) ليست في المخطوطة.