بينهما أن البدل يقرر الثاني في موضع الأول ، وكأنك لم تذكر الأول ، وعطف البيان أن تقدّر (١) أنك إن ذكرت الاسم الأول لم يعرف إلا بالثاني [١٥٢ / ب] ، وإن ذكرت الثاني لم يعرف إلا بالأول ، فجئت بالثاني مبيّنا للأول ، قائما له مقام النعت والتوكيد.
قال : وتظهر فائدة هذا في النداء ، تقول : «يا أخانا زيد أقبل» ، على البدل ، كأنك رفعت الأول وقلت : «يا زيد أقبل» ، فإن أردت
عطف البيان قلت : «يا أخانا (٢) زيدا أقبل».
القسم الخامس
ذكر الخاصّ بعد العام
فيؤتى به معطوفا عليه بالواو للتنبيه على فضله ؛ حتى كأنه ليس من جنس العام ؛ تنزيلا للتغاير في الوصف منزلة التغاير في الذات ، وعلى هذا بنى المتنبي قوله :
فإن تفق الأنام وأنت منهم |
|
فإنّ المسك بعض دم الغزال (٣) |
وابن الرومي أيضا حيث قال :
كم من أب قد علا بابن ذرا شرف (٤) |
|
كما علت (٥) برسول الله عدنان (٦) |
وحكى الشيخ أثير الدين (٧) عن شيخه أبي جعفر بن الزبير (٨) أنه كان يقول : «إن هذا العطف يسمى بالتجريد ، كأنه جرّد من الجملة وأفرد بالذكر تفصيلا».
وله شرطان ذكرهما ابن مالك : أحدهما كون العطف بالواو ، والثاني كون المعطوف ذا
__________________
(١) في المخطوطة (يقدر).
(٢) في المخطوطة (أخا).
(٣) البيت ختم به قصيدة يرثي بها والدة سيف الدولة ويعزيه بها سنة ٣٣٧ ه ، مطلعها :
نعدّ مشرفيّة والعوالي |
|
وتقتلنا المنون بلا قتال |
وهي في ديوانه ص ٢٦٥ ـ ٢٦٨.
(٤) تصحفت في المخطوطة إلى (ذي سرف) ، والتصويب من مغني اللبيب ١ / ١١٨.
(٥) تصحفت في المخطوطة إلى (علا).
(٦) تصحفت في المخطوطة إلى (عدنانا) : والبيت من شواهد مغني اللبيب ١ / ١١٨ رقم (١٧٥). باب حرف الثاء (ثم).
(٧) هو أبو حيان الأندلسي صاحب تفسير البحر المحيط.
(٨) هو أحمد بن إبراهيم أبو جعفر بن الزبير تقدم التعريف به في ١ / ١٣٠.