مشاكلة اللفظ للفظ
هي قسمان : أحدهما ـ وهو الأكثر ـ المشاكلة بالثاني للأول ؛ نحو «أخذه ما قدم وما حدث». وقوله تعالى : (وَامْسَحُوا) [٢٣١ / ب](بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ) (المائدة : ٦) ؛ على مذهب الجمهور وأن الجرّ للجوار : (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ* وَالسَّماءَ رَفَعَها) (الرحمن : ٦ ـ ٧).
وقد تقع المشاكلة بالأول للثاني كما في قراءة إبراهيم بن أبي عبلة (١) : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) (الفاتحة : ٢) بكسر الدال ، وهي أفصح من ضم اللام للدال (٢).
مشاكلة اللفظ للمعنى
ومتى كان اللفظ جزلا كان المعنى كذلك ، ومنه قوله تعالى : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ) (آل عمران : ٥٩) ، ولم يقل من «طين» كما أخبر به سبحانه في غير موضع : (إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ) (ص : ٧١) [(خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) (ص : ٧٦)] (٣) إنما عدل عن الطين الذي هو مجموع الماء والتراب إلى ذكر مجرّد التراب لمعنى لطيف ؛ وذلك أنّه أدنى العنصرين وأكثفهما ، لما كان المقصود مقابلة من ادّعى في المسيح الإلهية أتى بما يصغّر أمر خلقه عند من ادعى ذلك ؛ فلهذا كان الإتيان بلفظ التراب
__________________
(١) تصحفت في المطبوعة إلى (عبيلة) ، وهو إبراهيم بن أبي عبلة شمر بن يقظان ثقة كبير تابعي ، له حروف في القراءات واختيار خالف فيه العامة ، أخذ القراءة عن أم الدرداء الصغرى هجيمة بنت يحيى وعن غيرها ، وأخذ عنه الحروف موسى بن طارق وروى عنه مالك بن أنس وابن المبارك وخلق ، ومن كلامه : «من حمل شاذ العلماء حمل شرا كبيرا» (ت ١٥٣ ه) (الجزري طبقات القراء ١ / ١٩).
(٢) عزو الزركشي القراءة بكسر الدال إلى ابن أبي عبلة مجانب للصواب ، إذ هو مخالف لما جاء في المصادر ، فالقراءة معزوة للحسن البصري ، وقراءة ابن أبي عبلة هي ضم اللام تبعا للدال ، قال ابن خالويه في مختصر شواذ القرآن ص ١ شواذ سورة الفاتحة (الحمد لله الحسن البصري ورؤبة ، الحمد لله إبراهيم بن أبي عبلة) ، وقال أبو حيان في البحر المحيط ١ / ١٨ تفسير سورة الفاتحة (والجمهور قرءوا بضم دال (الْحَمْدُ) واتبع إبراهيم بن أبي عبلة ميمه لام الجر لضمة الدال ، كما أتبع الحسن وزيد بن على كسرة الدال ، كما أتبع الحسن وزيد بن علي كسرة الدال لكسرة اللام) ، وقال البناء في إتحاف فضلاء البشر ص ١٢٢ (وعن الحسن الحمد لله حيث وقع بكسر الدال اتباعا لكسرة لام الجر بعدها).
(٣) ليست في المطبوعة.