ثبوت لها أصلا ، ولا أنزل الله بإشراكها حجة [أي تلك] (١) ، وإنزال الحجة كلاهما منتف.
وقوله : (أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ) (يونس : ١٨) ، أي ما لا ثبوت له ولا علم الله متعلقا به ؛ نفيا للملزوم وهو النيابة بنفي لازمه ، وهو وجوب كونه معلوما للعالم بالذات ، لو كان [له] (٢) ثبوت ، بأي اعتبار كان.
٣ / ٤٠١ وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ) (آل عمران : ٩٠) (٣) [أصله لن يتوبوا فلن يكون لهم قبول توبة ، فأوثر الإلحاق ذهابا إلى انتفاء الملزوم بانتفاء اللازم ؛ وهو قبول التوبة الواجب في حكمه تعالى وتقدّس] (٣).
وقوله : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) (النور : ٣٣) ومعلوم أنه لا إكراه على الفاحشة لمن لا يريد تحصنا ، لأنها نزلت فيمن يفعل ذلك.
ونظيره : (لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً) (آل عمران : ١٣٠) ، وأكل الربا منهيّ عنه قليلا وكثيرا ؛ لكنها نزلت على سبب ؛ وهو فعلهم ذلك ؛ ولأنه مقام تشنيع عليهم ، وهو بالكثير أليق.
وقوله : (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ ...) (غافر : ٨٤) الآية ، المعنى آمنا بالله دون الأصنام وسائر ما يدعى إليه دونها ، إلا أنّهم نفوا الإيمان بالملائكة والرسل والكتب المنزّلة والدار الآخرة والأحكام الشرعية ، ولهذا إنه لمّا ردّ بقوله :
[(فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ] (٤) لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) (غافر : ٨٥) ، بعد إثباته [إيمانهم] (٤) ، لأنّه ضروري لا اختياري ، أوجب (٥) ألاّ يكون الكلام مسوقا لنفي أمور يراعى فيها الحصر والتقييد ، [كقوله] (٤) : (قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا) (الملك : ٢٩) ، فإنه لم يقدّم المفعول في «آمنا» حيث لم يرد ذلك المعنى ، فركّب تركيبا يوهم إفراد الإيمان بالرحمن عن سائر ما يلزم من الإيمان.
__________________
(١) ساقطة من المطبوعة.
(٢) ساقطة من المخطوطة.
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) ليست في المخطوطة.
(٥) العبارة في المخطوطة (ولهذا حيث لا يكون الكلام مسبوقا بالنفي أمور تراعى).