«ضلال» ؛ كما قالوا : (إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ) (الأعراف : ٦٠) ، لأنّ نفي الواحد يلزم ٣ / ٤٠٣ منه نفي الجنس البتة.
وقال الزمخشري : «لأن الضلالة أخصّ من الضلال ، فكان أبلغ في نفي الضلال عنه ، فكأنّه قال : ليس بي شيء من الضلال ، كما لو قيل : ألك تمرة فقلت : ما لي تمرة» (١).
ونازعه ابن المنيّر (٢) وقال : تعليله (٣) نفيها أبلغ لأنها (٤) أخص [وهذا غير مستقيم ، فإنّ نفي الأعم أخصّ من نفي الأخص] (٥) ، ونفي الأخص أعم من نفي الأعمّ ، فلا يستلزمه لأن الأعم لا يستلزم الأخصّ. فإذا قلت هذا ليس بإنسان لم يلزم سلب الحيوانية عنه ، وإذا قلت : هذا ليس بحيوان ، لم يكن إنسانا ، والحق أن يقال : الضلالة أدنى من الضلال ، لأنها لا تطلق إلا على الفعلة منه ، والضلال يصلح للقليل والكثير ، ونفي الأدنى أبلغ من نفي الأعلى [لا] (٦) من جهة كونه أخصّ ، [بل] (٦) من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى».
***
والثاني : كقوله تعالى : (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) (آل عمران : ١٣٣) ، ولم يقل «طولها» ، لأن العرض أخصّ ، إذ كل ما له عرض فله طول ، ولا ينعكس. وأيضا فإذا كان للشيء صفة يغني ذكرها عن ذكر صفة (٧) أخرى ، تدلّ عليها كان الاقتصار عليها أولى من ذكرها ؛ لأن ذكرها كالتكرار ، وهو مملّ ، وإذا ذكرت فالأولى تأخير الدلالة على الأخرى ؛ حتى لا تكون المؤخرة قد تقدمت الدلالة عليها.
وقد يخلّ بذلك مقصود آخر كما في قوله : (وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا) (مريم : ٥١) لأجل السجع وإذا كان ثبوت شيء أو نفيه يدل على ثبوت آخر أو نفيه ، كان الأولى الاقتصار على الدالّ على الآخر ، فإن ذكرت فالأولى تأخير الدال. ٣ / ٤٠٤
__________________
(١) انظر «الكشاف» ٢ / ٦٧ عند تفسير الآية (٦١) من سورة الأعراف ، وعبارة الزمخشري «ألك تمر؟ فقلت ما لي تمرة».
(٢) هو أحمد بن محمد بن منصور تقدم التعريف به في ١ / ١٧٦ ، وقوله في حاشيته على الكشاف المعروفة «بالانتصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال» ٢ / ٦٧.
(٣) تصحفت في المخطوطة إلى (قوله).
(٤) عبارة المخطوطة (تعليله نفيها لأنها أبلغ من نفي الأخص).
(٥) ليست في المخطوطة.
(٦) ليست في المخطوطة.
(٧) في المخطوطة (صفات).