فائدة
نفي الاستطاعة قد يراد به نفي الامتناع ، أو عدم إمكان [وقوع] (١) الفعل مع إمكانه ؛ نحو هل تستطيع أن تكلّمني؟ بمعنى هل تفعل ذلك وأنت تعلم أنه قادر على الفعل؟ وقد حمل قوله تعالى حكاية عن الحواريين : (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ) (المائدة : ١١٢) على المعنى الأول ؛ أي هل يجيبنا إليه؟ أو هل يفعل ربك؟ وقد علموا أن الله قادر على الإنزال ، وأن عيسى قادر (٢) على السؤال ، وإنما استفهموا هل هنا صارف أو مانع؟
وقوله : (فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً) (يس : ٥٠). (فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها) (الأنبياء : ٤٠). (فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً) (الكهف : ٩٧).
وقد يراد به الوقوع بمشقة وكلفة كقوله تعالى : (لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) (الكهف : ٦٧).
فائدة
٣ / ٤٠٨ قوله تعالى : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) (الأنفال : ١٧) ، قالوا : المجاز يصح نفيه بخلاف الحقيقة ، لا يقال للأسد : ليس بشجاع.
وأجيب بأن المراد بالرّمي هنا المرتب عليه ، وهو وصوله إلى الكفّار ؛ فالوارد عليه السلب هنا مجاز لا حقيقة ؛ [والتقدير] (٣) : وما رميت [خلقا] (٣) إذ رميت كسبا ، أو ما رميت انتهاء إذ رميت ابتداء ؛ وما رميت مجازا إذ رميت حقيقة. ٣ / ٤٠٩
إخراج الكلام مخرج الشك في اللفظ
دون الحقيقة لضرب من المسامحة وحسم العناد
كقوله : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (سبأ : ٢٤) ؛ وهو يعلم أنه على الهدى ، وأنّهم على الضلال ، لكنه أخرج الكلام مخرج الشك ، تقاضيا ومسامحة ، ولا شك عنده ولا ارتياب.
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) تصحفت في المخطوطة إلى (قال على السؤال).
(٣) ليست في المخطوطة.