أبو (١) تمام : أن ابعث لي ريشة من جناح الذّلّ أبعث إليك من ماء الملام. ٣ / ٤٣٤
وهذا (٢) لا يصحّ له تعلّق به ، والفرق بين التشبيهين ظاهر ؛ لأنه ليس جعل الجناح للذلّ كجعل الماء للملام ، فإن الجناح للذلّ مناسب ؛ فإن الطائر إذا وهي وتعب بسط جناحه وألقى نفسه إلى الأرض. وللإنسان أيضا جناح : فإنّ يديه جناحاه ، وإذا خضع واستكان يطأطىء من رأسه ، وخفض من بين يديه ، فحسن عند ذلك جعل الجناح للذلّ ، وصار شبها مناسبا ، وأما ماء الملام فليس كذلك في مناسبة التشبيه فلذلك استهجن (٣) منه. على أنه قد يقال : إنّ الاستعارة التخييلية (٤) فيه تابعة للاستعارة بالكناية ؛ فإنّ تشبيه الملام بظرف الشراب لاشتماله على ما يكرهه الشارب لمرارته ، ثم استعار الملام له كمائه ، ثم يخرج منه شيء يشبّه بالماء ؛ فالاستعارة في اسم الماء.
الثاني
في أنها قسم من أقسام المجاز ؛ لاستعمال اللفظ في غير ما وضع له.
وقال الإمام فخر الدين : ليس بمجاز لعدم النقل. وفي الحقيقة هي تشبيه محذوف الأداة لفظا وتقديرا ؛ ولهذا حدّها بعضهم بادعاء معنى الحقيقة في الشيء ، مبالغة في التشبيه.
كقولهم : انشقت عصاهم [٢٤١ / ب] ؛ إذا تفرقوا ، وذلك للعصا لا للقوم ، ويقولون : كشفت الحرب عن ساق.
ويفترقان [في] (٥) أن التشبيه (٦) إذا ذكرت معه الأداة فلا خفاء أنه تشبيه ؛ وإن حذفت فهذا يلتبس بالاستعارة ؛ فإذا ذكرت المشبه كقولك : زيد الأسد ، فهذا تشبيه [بليغ] (٧) ، كقوله تعالى : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) (البقرة : ١٨) ، وإن لم يذكر المشبه به فهو استعارة ، كقوله :
لدى أسد شاكي السّلاح مقذّف (٨) |
|
له لبد أظفاره لم تقلّم (٩) |
__________________
(١) في المخطوطة (إلى أبي).
(٢) في المخطوطة (فهذا).
(٣) في المخطوطة (استحق).
(٤) اضطربت في المخطوطة إلى (التحها).
(٥) ساقطة من المخطوطة.
(٦) في المخطوطة (الشبه).
(٧) ساقطة من المخطوطة.
(٨) في المخطوطة (غضنفر).
(٩) البيت لزهير بن أبي سلمى من معلقته التي مطلعها أمن أمّ أوفي دمنة لم تكلم * انظر ديوانه : ٨٤ طبعة دار صادر بيروت.