تقسيم آخر
الاستعارة فرع التشبيه ، فأنواعها كأنواعه خمسة :
٣ / ٤٤١ الأول : استعارة حسّيّ لحسّيّ بوجه حسيّ ، كقوله تعالى : (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) [٢٤٢ / ب] (مريم : ٤) ؛ فإن المستعار منه هو النار ، والمستعار له هو الشّيب ، والوجه هو الانبساط ؛ فالطرفان حسّيان والوجه أيضا حسّيّ ، وهو استعارة بالكناية ؛ لأنّه ذكر التشبيه ، [وذكر المشبّه] (١) وذكر المشبه به مع لازم من لوازم المشبه به ؛ وهو الاشتعال.
وقوله : (وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ) (الكهف : ٩٩) ، [أصل] (١) الموج حركة المياه (٢) ؛ فاستعمل في حركتهم على سبيل الاستعارة.
***
الثاني : حسّي لحسّيّ (٣) بوجه عقلي ، كقوله تعالى : (أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ) (الذاريات : ٤١) فالمستعار له الريح. والمستعار منه المرأة ، وهما حسّيّان ، والوجه المنع من ظهور النتيجة (٤) ، والأثر وهو عقلي وهو أيضا استعارة بالكناية.
قال في «الإيضاح» (٥) : وفيه نظر ، لأن العقيم صفة للمرأة لا اسم لها ؛ ولهذا جعل صفة للريح ، لا اسما. والحق أن المستعار منه ما في المرأة من الصفة التي تمنع من الحبل والمستعار له ما في الريح من الصفة التي تمنع من إنشاء مطر وإلقاح شجر.
وهو مندفع بالعناية ، لأن المراد من قوله : «المستعار منه» المرأة التي عبّر عنها بالعقيم ، ذكرها السكاكي (٦) بلفظ ما صدق عليه. (٧) [والغرض الوصف العنواني] (٧).
ومنه قوله تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ) (يس : ٣٧) ، المستعار له ظلمة النهار من ظلمة الليل ، والمستعار منه ظهور المسلوخ عند جلدته ، والجامع عقليّ وهو ترتب أحدهما على الآخر.
__________________
(١) ساقطة من المخطوطة.
(٢) في المخطوطة (الماء).
(٣) في المخطوطة (حسي).
(٤) في المخطوطة (القحفة).
(٥) للخطيب القزويني وانظر كتابه ص ١٦٩.
(٦) انظر كتابه مفتاح العلوم : ٣٨٨ ـ ٣٨٩. والإيضاح للقزويني : ١٦٩.
(٧) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوعة.