الْحَياةِ الدُّنْيا) (آل عمران : ١٤) ، ثم قال تعالى : (قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ) (آل عمران : ١٥) ، قابل الجنات والأنهار والخلد والأزواج والتطهير والرضوان بإزاء النساء (١) [والبنين والذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ومن الحكمة العظيمة أن بدأ بذكر النساء] (١) في الدنيا ، وختم بالحرث ، وهما طرفان متشابهان ، وفيهما الشهوة والانعاش (٢) الدنياويّ ، وأخّر ذكر الأزواج كما يجب في الترتيب الأخرويّ ، وختم بالرضوان. ٣ / ٤٦٥
فائدة
قد يجيء نظم الكلام على غير صورة المقابلة في الظاهر ؛ وإذا تؤمل (٣) كان من أكمل المقابلات ؛ ولذلك أمثلة : منها قوله تعالى : (إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى * وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى) (٤) (طه : ١١٨ ـ ١١٩) فقابل الجوع بالعري ؛ والظمأ بالضّحى ؛ والواقف مع الظاهر ربّما يحيل أنّ الجوع يقابل بالظمأ ، والعري بالضّحى.
والمدقّق يرى هذا الكلام في أعلى مراتب الفصاحة ؛ لأن الجوع ألم الباطن (٥) والضّحى موجب لحرارة الظاهر ، فاقتضت الآية نفي جميع (٦) الآفات ظاهرا وباطنا ؛ وقابل الخلو بالخلوّ ، والاحتراق بالاحتراق. وهاهنا موضع الحكاية المشهورة بين المتنبي وسيف الدولة (٧) ؛ لما أنشده :
وقفت وما في [الموت] (٨) شكّ لواقف |
|
كأنّك في جفن الرّدى وهو نائم |
٣ / ٤٦٦ [٢٤٦ / ب] ومنها قوله تعالى : (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ)
__________________
(١) ما بين الحاصرتين ليس في المطبوعة.
(٢) في المطبوعة (والمعاش).
(٣) في المخطوطة (تأمل).
(٤) قال الفراء في معاني القرآن ٢ / ١٩٤ : «ولا تضحى» لا تصيبك شمس مؤذية ، وذكر في بعض التفسير لا تعرق والأول أشبه بالصواب». انتهى.
(٥) في المخطوطة (في الباطن).
(٦) عبارة المطبوعة (جميع نفي).
(٧) الحكاية بتمامها في التبيان في شرح الديوان للعكبري ٣ / ٣٨٦.
(٨) ساقطة من المخطوطة.