ومن هذا التقسيم أخذ بعض العلماء أن الخنثى لا وجود له ؛ لأنه ليس واحدا من المذكورين [٢٤٨ / أ] ، ولا حجّة فيه ، لأنه مقام امتنان ؛ والمنة بغير الخنثى أحسن وأعظم. أو لأنه باعتبار ما في نفس الأمر ؛ والخنثى لا يخرج عن أحدهما.
٣ / ٤٧٥
التعديد (١)
هي إيقاع الألفاظ المبدّدة على سياق واحد ؛ وأكثر ما يؤخذ في الصفات ؛ ومقتضاها ألاّ يعطف بعضها على بعض لاتحاد محلها ، ولجريها (٢) مجرى الوصف في الصدق (٣) على ما صدق ؛ ولذلك يقلّ عطف بعض صفات الله [تعالى] (٤) على بعض في التنزيل ، وذلك كقوله (٥) : (اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) (البقرة : ٢٥٥).
وقوله : (الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ) (الحشر : ٢٤).
وقوله : (الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ) (الحشر : ٢٣).
وإنما عطف قوله : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ) (الحديد : ٣) ؛ لأنها أسماء متضادّة المعاني في موضوعها (٦) ، فوقع الوهم بالعطف عمن يستبعد ذلك في ذات واحدة ؛ لأن الشيء الواحد لا يكون ظاهرا باطنا من وجه [واحد] (٧) ، وكان العطف فيه أحسن. ولذلك عطف «الناهون» على «الآمرون» ، «وأبكارا» على «ثيّبات» من قوله :
(التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ) (التوبة : ١١٢).
وقوله : (أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً) (التحريم : ٥) ، فجاء العطف لأنه لا يمكن اجتماعهما (٨) في محل واحد بخلاف ما قبله.
وقوله : (غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ) (غافر : ٣) ، إنما ٣ / ٤٧٦ عطف فيه بعضا ولم يعطف بعضا ، لأن «غافرا» و «قابلا» يشعران بحدوث المغفرة والقبول ، وهما من صفات الأفعال وفعله في غيره لا في نفسه ، فدخل العطف للمغايرة لتنزلهما منزلة
__________________
(١) في المخطوطة (التعدية).
(٢) في المطبوعة (ويجريها).
(٣) في المخطوطة (الصدف).
(٤) ليست في المطبوعة.
(٥) في المخطوطة (وكذلك قوله).
(٦) في المخطوطة (موضعها).
(٧) ساقط من المطبوعة.
(٨) في المخطوطة (اجتماعها).