والأصل في المدح التمييز بين الممدوح وغيره بالأوصاف الخاصة ، والإسلام وصف عام ، فوصفهم بالإسلام ، إما باعتبار الثناء عليه أو الثناء عليهم بعد النبوة تعظيما وتشريفا (١) ، أو باعتبار أنهم بلغوا من هذا الوصف غايته ؛ لأن معنى (٢) ذلك يرجع إلى معنى الاستسلام والطاعة الراجعين إلى تحقيق معنى العبودية ، التي هي أشرف أوصاف العباد ، فكذلك يوصفون [١٤٤ / ب] بها في أشرف حالاتهم ، وأكمل أوقاتهم.
وقوله تعالى حكاية عن إبراهيم وإسماعيل : (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ) (البقرة : ١٢٨) أي ، مستسلمين لأمرك ، لقضائك ، وكذا قول يوسف : (تَوَفَّنِي مُسْلِماً) (يوسف : ١٠١) [وكذلك] (٣) قوله : (النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا) (٤) [لِلَّذِينَ هادُوا] (٤) (المائدة : ٤٤) تنويه بقدر الإسلام ، وتنبيه على عظم أمره ، فإن الصفة تعظم بعظم موصوفها كما وصفت الملائكة المقربون بالإيمان في قوله [تعالى] (٥) (يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ [بِهِ]) (٥) (غافر : ٧) تنويها بقدر الإيمان ، وحضّا للبشر على التحلّي به ، ليكونوا كالمقربين في وصف الإيمان ، حتى قيل : أوصاف الأشراف ؛ أشرف الأوصاف.
(الثاني) : لزيادة البيان ، [كذا] قاله ابن مالك (٦) ؛ ومثّله بقوله تعالى : (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِ) (الأعراف : ١٥٨) ، وليس ما قاله بواضح ؛ فإن «رسول الله» كما يستعمل في نبينا صلوات الله وسلامه عليه (٧) ، يستعمل في غيره بطريق الوضع ، وتعريفه إنما حصل بالإضافة.
(فإن قال) : قد كثر استعماله في نبينا صلىاللهعليهوسلم حتى إنه لم يبق الذهن يتبادر إلا إليه! (قلنا) : ليس هذا من وضعه بل ذلك من الاستعمال وقد استعمل في غيره ، قال تعالى : (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) (الأعراف : ١٥٨) وفي موضع آخر : (رُسُلُ اللهِ) (الأنعام : ١٢٤) وفي حق عيسى :
__________________
(١) في المخطوطة (تشريفا لهم).
(٢) في المخطوطة (معناه) بدل (معنى ذلك).
(٣) ساقطة من المخطوطة.
(٤) ليست في المخطوطة.
(٥) ساقطة من المخطوطة.
(٦) هو جمال الدين محمد بن عبد الله بن مالك تقدم التعريف به في ١ / ٣٨١.
(٧) في المخطوطة (عليه وسلامه). تقديم وتأخير.