ولو أتى على وجهه لقال : «إذا الوحش ضمّها».
وإنما يسأل عن حكمته إذا وقع في الجملة الواحدة ، فإن كان (١) في جملتين مستقلتين كالبيت سهل الأمر ، لكنّ الجملتين فيه كالجملة الواحدة ، لأن الرافع للوحش الأول فعل محذوف كما يقول (٢) البصريون ، والفعل المذكور ساد (٣) مسدّ الفعل المحذوف ؛ حتى كأنه هو ؛ ولهذا لا يجتمعان ، وإن قدر رفع الوحش بالابتداء فالكلام جملة واحدة.
ويسهل عند اختلاف اللفظين كقوله :
إذا المرء لم يغش الكريهة أو شكت |
|
حبال الهوينى بالفتى أن تقطّعا (٤). |
فاختلاف لفظين ظاهرين (٥) أشبها لفظي الظاهر والمضمر في اختلاف اللفظ ؛ وعليه قوله تعالى : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَ) (التوبة : ٦١) ثم قال : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ) (التوبة : ٦١). ولم يقل : «يؤذونه» مع ما في ذلك من التعظيم ، فالجمع بين الوصفين ، كقوله في الحديث : «نبيك الذي أرسلت (٦)» ، وقوله : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ...) (البقرة : ١٠٦) الآية ؛ فإنه قد تكرّر اسم الله ظاهرا في هذه الجمل الثلاث ، ولم يضمر لدلالته على استقلال كل جملة منها ، وأنّها لم تحصل (٧) مرتبطة ببعضها ارتباط ما يحتاج فيه إلى إضمار.
وقوله : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ) (النساء : ٧٦) ، وفيه (٨) دلالة على أن الطاغوت هو الشيطان ، وحسن ذلك هنا تنبيها على تفسيره. ٢ / ٤٨٤
__________________
(١) في المخطوطة (كانا).
(٢) في المخطوطة (تقول).
(٣) في المخطوطة (شاد مثل).
(٤) البيت للكلحبة اليربوعي انظر المفضليات بشرح ابن الانباري ص ٢٣.
(٥) عبارة المخطوطة (لفظي الظاهرين).
(٦) قطعة من حديث عن البراء بن عازب رضياللهعنه ، أخرجه البخاري في الصحيح ١ / ٣٥٧ ، كتاب الوضوء (٤) ، باب فضل من بات على الوضوء (٧٥) ، الحديث (٢٤٧). وأخرجه مسلم في الصحيح ٤ / ٢٠٨١ ، كتاب الذكر والدعاء ... (٤٨) ، باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع (١٧) الحديث (٥٦ ـ ٥٧ / ٢٧١٠).
(٧) في المخطوطة (يحصل).
(٨) في المخطوطة (ومنه).