(أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
في الدنيا بالهدى والنمو الّذي يسببه الإحسان ، ومحبة الناس لهم ، وفي الآخرة بجزاء الله لهم ، وإذ يحدثنا الله بصيغة المجتمع عن تجمع بصفة عامة وليس عن فرد واحد ، فلأن الإحسان بالنسبة لفرد واحد يعيش في مجتمع فاسد قد لا ينفعه في الدنيا ، اما إذا كان ضمن تجمع من المحسنين فانه سيكون ذا جدوى في الآخرة والدنيا أيضا ، بتعميقه روح المحبة والوئام داخل المجموع.
(٦) ولأن من مميزات السياق القرآني انه يعرفنا مختلف المسائل والحقائق بذكر أضدادها ، فبذكر النار يعرّفنا الجنة ، وبذكر الكفر يعرفنا الإيمان ، نجده هنا أيضا يحدثنا عن الحالة المخالفة للإحسان.
فهناك من ينفق في سبيل الله من أجل الهداية ، وهو بالتالي يمهّد أرضية الهدى لنفسه بإحسانه وإنفاقه ، وهناك من ينفق في سبيل الضلال ويشتري لهو الحديث. كلاهما يعطي من نفسه وماله ولكن هذا للهدى وذاك للضلال.
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ)
ولكن لماذا يكون الضلال هدف هؤلاء؟ حتى انك تجدهم يشترون (لهو الحديث)؟
لأنهم يرون الحق يناقض أنانيّاتهم ، تماما بعكس المحسنين الذين يرون الحق محورهم ، وقلب الإنسان لا يمكن ان يكون فارغا أبدا ، فاذا لم يملأه بالايمان والعلم ، فسيكون بيتا للهو والانحرافات.