صدقت ، فما السادسة؟ قال : ان هداني الله لدينه ، ولم يضلّني عن سبيله ، قال : صدقت ، فما السابعة؟ قال : ان جعل لي مردّا في حياة لا انقطاع لها ، قال : صدقت ، فما الثامنة؟ قال : ان جعلني ملكا مالكا لا مملوكا ، قال صدقت ، فما التاسعة؟ قال : ان سخر لي سماءه وأرضه وما فيهما وما بينهما من خلقه ، قال : صدقت ، فما العاشرة؟ قال : ان جعلنا سبحانه ذكرانا قواما على حلائلنا لا إناثا ، قال : صدقت فما بعدها؟ قال : كثرت نعم الله يا نبي الله فطابت «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها» فتبسم رسول الله (ص) وقال : ليهنئك الحكمة ليهنئك العلم يا أبا الحسن فأنت وارث علمي والمبين لامتي ما اختلفت فيه من بعدي ، من أحبك لدينك وأخذ بسبيلك فهو ممن هدي الى صراط مستقيم ، ومن رغب عن هواك وأبغضك وتخلاك (٣) لقى الله يوم القيامة لا خلاق له (٤)
ويبقى سؤال : لماذا سخر الله كل ذلك للإنسان؟ هل بقوته المادية؟ كلا .. لأن السموات والأرض والجبال أقوى منه.
أم بقوت سمعه؟ كلا .. لأن الكلب أفضل سمعا منه.
أم لحدّة نظره؟ فالصقر أحدّ نظرا منه.
كلا .. ان قوة الإنسان التي جعلها الله يسخر بها ما في السموات والأرض ، تكمن في العقل والعلم الذي أنعم به الله عليه ، فلما ذا اذن نترك العلم الذي يهدينا الى عبادة الله ، ونتبع الجهل الذي يقودنا الى غيره؟!
ان الإنسان مطالب بتلك الصفة التي جعله الله بها يسير المخلوقات بان يكون سيد العابدين ، إلّا أن هناك حجبا تستر عنه نور العقل من بينها :
__________________
(٣) تخلّاه ومنه وعنه : تركه.
(٤) نور الثقلين / ج (٤) / ص (٢١٣ ـ ٢١٤).