نوائب الحاضر انتظارا للفرج ، ومعرفة بأن هناك نوائب أخطر لمّا تحل به ، وانّ عليه أن يشكر ربه حتى لا تحل به أبدا ، وهكذا جاء في النص المأثور عن أمير المؤمنين (ع):
«كان رسول الله (ص) إذا أتاه أمر يسرّه قال : الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات ، وإذا أتاه أمر يكرهه قال : الحمد لله على كلّ حال» (٢٣)
وهو يعيش كذلك الماضي ، فيشكر الله على نعمه وعلى دفع النقم عنه.
بينما الختار الكفور الذي لا يملك وفاء ولا شكرا ، فانه يتعامل مع اللحظة الراهنة وكأنها أبدية فيتغير حسبها ، فاذا افتتن بالنوائب تراه يجأر الى ربه ، فاذا نجّاه الله منها عاد الى غيّه ونسي ما ألمّ به.
(وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ)
ان غشيان الموج امر رهيب. إذ معناه الظاهر إحاطته بهم من كل صوب وحدب ، ثم يعبر القرآن عنه انه «كالظلل» بصيغة الجمع لأن الموج يتعاقب ويتكاثف.
(دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)
حيث أخلصوا التسليم والانقياد لرب العالمين ، وانقشعت عن أبصارهم غشاوة الغفلة ، وتلاشت العقد النفسية التي منعت عنهم الايمان ، وانزاح عن قلوبهم خوف الشركاء أو الرجاء فيهم ، حيث لا يقدرون على شيء في تلك الساعة الرهيبة عند تكاثف الموج ، وتزايد خطر الموت.
__________________
(٢٣) بحار الأنوار / ج (٧١) / ص (٤٧).