الامكانات والنعم التي يمنّ الله بها عليهم ، يفكّرون في تحويلها الى زاد للآخرة ، أكثر من تفكيرهم في استهلاكها ، وصرفها على أنفسهم ، وهكذا ينبغي للإنسان أن يفكر في آخرته قبل تفكيره في دنياه : (وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ). (٧)
(١٧) وبعد ذلك يشجع القرآن على الاقتداء بهذا الفريق من الناس ، حينما يذكر جزاءهم الحسن عند الله بإبهام ، والذي هو في موارده أمضى أثرا من التوضيح.
(فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ)
فكلما وصفت الجنة كانت دون واقعها. أو ليس فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر؟! بلى. وإنّ نعم الجنة تقرّ عين أصحابها ، لأنها صافية من الأكدار ، ونفوس أهلها زاكية ، لا غل فيها ، ولا حقد ، ولا طمع.
وجاء في الحديث في تفسير هذه الآية عن الإمام الصادق عليه السلام :
«ما من حسنة الّا ولها ثواب مبين في القرآن ، الّا صلاة الليل ، فإنّ الله عز اسمه لم يبيّن ثوابها لعظم خطرها» (٨)
(١٨) ويذكّرنا الرب بحكمته البالغة لنسف تمنيات البشر التي توهمه بأنه من أهل الجنة ، وأنّه آمن من أن يكون من الفاسقين ، فيفقد الضابط الحق لسلوكه.
(أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً)
__________________
(٧) القصص / (٧٧).
(٨) نور الثقلين / ج (٤) / ص (٢٣٠).