فالله يستأدي الميثاق مرتين ، مرة في الدنيا عبر الرسل ، ومرة في الآخرة بالحساب الدقيق ، والمؤمن الذي يهتدي الى حكمة الحياة هذه هو الذي يصمد عند الشدائد ، لأنه يعتبرها سبيله الى رضوان الله ، والذي يتحقق في الوفاء بميثاقه معه ـ عز وجل ـ يوم الذر وعبر الأنبياء والقيادات الرسالية التي تمثل امتدادهم (ع) وهذا ما تهدي اليه الآيات من (٢٢) الى (٢٤) حيث ترتبط بهما هاتين الآيتين ارتباطا عضويّا ، وتمثل ظلالا لهما.
(٩) اما بقية الآيات ، فهي تذكرنا بالحقائق الثلاث التي أشرنا لها في أول الدرس ، والتي يستوحيها السياق من حرب الأحزاب.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ)
يوم الأحزاب.
(إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً)
اقتلعت خيام الكفار ، وكانوا يزمعون اللبث فيها وهم يحاصرون المدينة ، التي منعهم الخندق من دخولها ، مما أشاع الفوضى وعدم الاستقرار في نفوس العدو.
(وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها)
من الملائكة.
وقد مر في تفسير سورة الأنفال القول : بأن أهم عمل قامت به الملائكة ، كان تثبيت قلوب المؤمنين من جهة ، وتشتيت قلوب الكافرين من جهة أخرى ، وعلى ضوء هذا التفسير نستطيع القول بأن أهم قوة عسكرية تستطيع هزيمة العدو هي التي تتوفر فيها صفتي الوحدة والاستقامة ، اللتان تؤديان الى الثبات في المعركة.