ونصر الله للمؤمنين لا يأتي الا إذا بذلوا قصارى جهدهم ، وكل ما بوسعهم من اجله ، فلو كان المسلمون يوم الأحزاب ينتظرون عون الله ، من دون تهيئة الظروف المناسبة له ، من استعداد لمواجهة العدو ، وإعمال للعقل في سبيل ذلك لما نصروا عليهم ، ولعله لهذا يشير الى سعي المؤمنين.
(وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً)
فلأنكم بذلتم ما في وسعكم ، وحفرتم الخندق في أربعين يوما متواصلة ، وارهقتم أنفسكم في شهر رمضان ، وفي حرارة الصيف ، وقد رأى الله منكم كل ذلك وعلم بنواياكم الصادقة نصركم على الأحزاب.
(١٠) (إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ)
اي من فوق الوادي ـ من ناحية الشام ـ وهم يهود بني قريظة وبني النضير وغطفان.
(وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ)
من ناحية مكة ـ قبل المغرب ـ وهم قريش ومن تبعها من العرب ، وكان من شدة الأمر ان الأبصار في تلك الحالة لم تكد ترى أو تستقر ، وهذه الحالة تصيب الإنسان لا إراديا إذا واجه أمرا يهوله ويعظم في نفسه.
(وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ)
كما ان القلب يظل ينبض بقوة وسرعة في مواطن الفزع ، بحيث يشعر الإنسان وكأنه صعد الى حنجرته.
(وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا)