الأول : الإكرام ، كما جاء في تفسير علي بن إبراهيم.
الثاني : التلذذ بالسماع ، كما روي عن رسول الله (ص) أنّه قال :
«ما من عبد يدخل الجنة إلّا ويجلس عند رأسه وعند رجليه ثنتان من الحور العين تغنيان بأحسن صوت سمعه الإنس والجن ، وليس بمزمار الشيطان ، ولكن بتمجيد الله وتقديسه» (٥)
وعن أبي الدرداء قال : كان رسول الله (ص) يذكّر الناس ، فذكر الجنة وما فيها من الأزواج والنعيم ، وفي القوم أعرابيّ فجثا لركبته وقال : يا رسول الله هل في الجنة من سماع؟ فقال (ص):
«نعم يا أعرابي ، إنّ في الجنة نهرا حافتاه الأبكار من كلّ بيضاء يتغنّين بأصوات لم تسمع الخلائق بمثلها قط ، فذلك أفضل نعم الجنة» (٦)
والغناء إشباع لحاجة الإنسان الروحيّة ، فبالإضافة إلى النعم المادية التي يتمتّع بها المؤمنون في الجنة كالأكل والشرب ، هناك نعمة معنوية وهي إشباع القلب ذكرا لله ومعرفة به وحبّا له ، وبالرغم من أنّ الصوت الحسن ليس كل اللّذة الروحيّة ، إلّا أنّه لو كان يحمل للإنسان فكرا وعلما ، وتذكيرا بالله ، وهدى يبلور القيم الحق ، آنئذ يكون لذة جسميّة ومعنويّة في نفس الوقت ، ولذلك جاء في الحديث السابق : أنّ السماع أفضل نعم الجنة حين تمجّد الحور الله وتقدّسنه.
وهكذا كانت أعظم لذات المؤمن في الدنيا الصلاة ومناجاة الله سبحانه ، يقول رسول الله (ص):
__________________
(٥) تفسير نور الثقلين / ج (٤) / ص (١٧١).
(٦) المصدر.