تطهيرا للمال والنفس ، وبناء لاقتصاد المجتمع.
ثم ينعطف السياق ليحدثنا عن ضرورة طاعة الله والرسول ، كما يشير الى طهارة أهل بيته ، وهذه الانعطافات والالتفافات عادة ما يكون التدبر فيها مفتاحا لفهم الآيات ، والعلاقة بينها ، وتحول الخطاب من الغائب الى المخاطب ، أو من الخاص الى العام ، أو العكس هو من قبيل هذه الالتفاتات في السياق القرآني ، والمثل الظاهر للالتفات في القرآن هو ما نكرره عند كل صلاة في سورة الحمد ، فبعد ان نقول : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) كل ذلك بضمير الغائب ، نقول : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) بصيغة المخاطب ، وذلك لاسباب منها :
١ ـ لان الإنسان في أول علاقته مع ربه يكون بعيدا عنه بعد الذكر وليس المسافة ، لكنه حينما يستمر في ذكره والعبادة له يتقرب اليه ، ولعل السورة تحدثنا عن هاتين المرحلتين ، ففي البداية يخاطب الإنسان ربه بضمير الغائب ، اما حينما يتقرب اليه فانه يتحدث معه بضمير المخاطب القريب.
٢ ـ لو قلنا نعبدك ونستعينك ، لظنّ اننا نعبد غيره أيضا ، أما وقد تقدمت كاف الخطاب التي تخص بالخطاب فقد حصرت العبادة والاستعانة في الله وحده ، وهنا في هذه الآيات من سورة الأحزاب نرى تغيّرا في لحن القرآن ، فبينما كان الخطاب بصيغة جمع المؤنث ، موجها لنساء النبي «(يا نِساءَ النَّبِيِّ) ...» فاذا به يتغيّر الى صيغة المفرد المؤنث «وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَ» «لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَ» ومنه الى الصيغة العامة وجمع المذكر ، والتحول الى الصيغة الاخيرة (المذكر العام) يذكرنا بانعطاف آخر مر في الدرس السابق ، حيث تحول السياق من المخاطب الجمع ، للمؤنث الى المفرد «لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً» ولعل الحكمة في ذلك : ان