عارض الإسلام العادات الجاهلية الغاصبة حرمة الزواج من مطلقة الابن بالتبني ، ووضحت الآيات بأن ابن الإنسان هو الذي ينسل من صلبه ، أما الآخر الذي يلتقطه ويتبناه فلن يصبح أبنا له أبدا ، لان الأبوّة كما النبوة وعموم العلاقات الاجتماعية المشابهة قضية طبيعية واقعية وليست اعتبارية تشريعية.
وكان هذا القضاء الجديد يومذاك يحتاج الى من يملك الجرأة والإقدام ، وهنا تبرز وبصورة واضحة القدوة في الأمة ، فاذا بالرسول (ص) يتزوج من مطلقة زيد ابن حارثة وهو ابنه بالتبني ، وكان النبي قد خرق عادتين جاهليتين في هذه الحادثة ، الاولى ما تقدمت الاشارة إليها ، والثانية انه زوّج زينب بنت جحش ـ ذات الحسب والنسب الشريف ـ من رجل أقل نسبا ، تأكيدا لقيمة التقوى ، ونسفا للقيم الجاهلية المادية.
ورفعا للحرج في مثل هذه الحوادث عن المسلمين ، ولأنّ خرق العرف الاجتماعي سوف يسبب شيئا من الإحراج للرسول ، وربما ألوانا من الضغط عليه من قبل الساذجين والمنافقين ، فقد حذّره الله من الخضوع للناس على حساب الحق ، مؤكدا بأنّ أهم صفات المبلغ للرسالة هي الخشية من الله وحده ، والتوكل عليه.
بينات من الآيات :
(٣٦) المؤمن حقّا هو الذي يسلم لقضاء الله ورسوله تسليما مطلقا في جميع جوانب الحياة ، ذلك أنّ كلمة الله ، والرسول ، والقيادة التي تمثل امتدادا صحيحا له ، يجب أن تكون هي الحاسمة في المجتمع الاسلامي.
(وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)