التفصيلية التي تقربنا إلى الله ، وتنتهي بنا إلى الجنة ، وتبعدنا عن النار.
والسؤال : لماذا لم يكتف السياق بكلمة سراج ، بل قال : (سِراجاً مُنِيراً)؟
انما قال ذلك ليؤكد صفة الإشعاع المستمر في شخصية الرسول ، فقد يكون السراج متقدا ، وقد ينطفئ ، بينما النبي يبقى منيرا يضيء أبدا حتى بعد وفاته ، لأن إشعاعه إنما هو برسالته وسيرته وهما باقيتان عبر الدهور.
(٤٧) وتجاه هذه الرسالة التي يحملها الرسول ومن يتبعه إلى الناس هناك موقفان :
الأول : الايمان والتسليم والذي ينتهي بأصحابه إلى الفلاح في الدنيا والآخرة ، ولا بدّ للرسالي أن يبشر من حوله بهذه النتيجة.
(وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً)
(٤٨) الثاني : العصيان بالكفر والنفاق ، وتجاه هؤلاء يجب على الرسول الاستقامة أمام ضغوطهم ، بل يجب عليه أن لا يغضب عليهم ، أو يحمل في نفسه الحقد ضدهم ، ذلك أنه ينبغي للرسالي أن يكون قلبه قطعة من الرحمة والنور حتى مع أعدائه.
وهذا نبي الرحمة (ص) وقد طرده الكفار والمشركون من بكّة ، وبعدها من الطائف يقف وقد أدمت الأحجار قدميه ، فيجول ببصره إلى السماء ثمّ يقول : «اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون» ثمّ لما عاد إلى مكة منتصرا لم يفكر في الانتقام ، بل قال كلمته المشهورة : «اذهبوا فأنتم الطلقاء» وهذه هي الاستقامة الحقيقية ، أن يستقيم الإنسان حتى في عاطفته.