وعند مشاهدة هذه الألوان من العذاب يتمنى الكفار والمنافقون لو انهم استجابوا لله وأطاعوا الرسول ، واني ينفع الكلام في دار الجزاء ، وقد أضاعوا على أنفسهم فرصة العمل في الحياة الدنيا؟!
(يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا)
بينما كانوا يعتذرون عن الاستجابة للحق ، والتسليم لقيادة الرسول في الدنيا ، وهذا مما يدل على ارتفاع الحجب والتبريرات يوم القيامة ، وأن تبريرهم لكفرهم بأنهم لا يعلمون بميعاد الساعة إنما كان للتملص من مسئولية الإيمان والطاعة لا أكثر.
(٦٧) ومما يقدمه أهل النار لتبرير كفرهم بالقيادة الرسالية أنهم انخدعوا بالقيادات الضالة ، ووقعوا تحت تأثيرها. وكل ذلك مرفوض عند الله ، لأن الإنسان متصرف وعاقل ، وليس آلة جامدة تحركها الأيدي كيف تشاء ، فهو اذن مسئول عن قراراته وأعماله وسلوكياته ، وقد حمله الله هذه المسؤولية التي رفض حملها كل الخلائق ، وإذا ضيعها فانما بجهله وظلمه ، ومن يقول : ان الأوامر تأتي من فوق ، أو أنني جندي مأمور لا ترتفع عنه المسؤولية.
(وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا)
السادة : فهم كالحاكم والقائد السياسي ، والعسكري ، أو النظام الاقتصادي ، وسائر الجهات التي يعود عصيانها بالأذى على الناس ، اما الكبراء فهم أصحاب الوجاهة الاجتماعية ، أو الاقتصادية ، وعموم الجهات التي يتبعها الإنسان لمصلحة معيّنة بإرادته المجردة وليس للخوف منها ، وكان من الحريّ بهم الطاعة لله ولرسوله ، خوفا من عذاب الله ، ورغبة في ثوابه ورضاه.