(٥٢) وفي اللحظة التي ينزل فيها عذاب الله يرى الكفار عين الحقيقة ، وانه لا خيار سوى الايمان ، وكان ينبغي لهم ان يؤمنوا بذلك ، في يوم الحرية والاختيار التي يكون عليها الثواب والعقاب ، لأنها تلتقي وحكمة الله من خلق الدنيا.
(وَقالُوا آمَنَّا بِهِ)
لما رأوا العذاب أو نصر المؤمنين ، ولكن هيهات فالإيمان بعيد عنهم ، لأنه قمة سامية لا يصلها الإنسان الا بالنية الصادقة والعمل الصالح ، بل والسعي الحثيث والجهاد الدؤوب.
(وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ)
فليس الايمان كلمة يقولها الواحد في اللحظة الأخيرة من عمره ، وكيف يعيد الإنسان دورة الزمن الى الوراء ، فيشتغل الى أيام حريته التي قصر فيها ، كلا .. إنّه يشبه التناوش من مكان بعيد ، كمن يقف على الأرض ويريد أن يتناول بيده ما على الذري السامقة.
وفي الحديث قال ابو حمزة الثمالي سألت أبا جعفر (ع) عن قوله عز وجل : (وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) قال :
«انهم طلبوا الهدى من حيث لا ينال وقد كان لهم مبذولا من حيث ينال» (٢)
(٥٣) لقد كفروا بالوحي في الدنيا وفاتت فرصتهم.
__________________
(٢) نور الثقلين / ج (٤) / ص (٣٤٥).