ولعل في هذا تكمن الصلة بين هذه الآية والتي سبقتها.
ثانيا : تمهد الآية للحديث عن الصورة المشرقة التي يتحلى بها المجتمع القائم على أساس التوحيد ، والتباعد عن رجس الشرك. كيف ذلك؟
ان كثيرا من الخصال الرذيلة تأتي بسبب حالة الجزع عند البشر ، فانما البخل والغش والكسب الحرام كالربا وغيره من افرازات شح النفس (الفرح ـ القنوط).
كما ان فضيلة الإنفاق والكرم والعفة تأتي من الثقة بالله ، وبأنه الرازق ذو القوة المتين.
وهكذا مهّد السياق للأمر بالإنفاق ، والنهي عن الربا ، بمعالجة هذه الحالة البشرية.
ثالثا : ان قلب المؤمن يعيش بين اليأس والرجاء ، ولذلك يعيش التوتر الإيجابي الفاعل الّذي يبعث أبدا نحو النشاط والسعي ، بينما قلب المشرك يتطرف نحو الفرح ، فيغله جمود الغرور والبطر ، أو يتطرف نحو اليأس فيقعده القنوط عن السعي ، وهل يتحرك من لا أمل له في النجاح؟! (٣٧) ما علاقة هذه الحقيقة بالتوحيد؟
العلاقة هي ان المؤمن يعتقد بان الرزق من الله ، وانه يبسطه لمن يشاء ، ويضيقه على من يشاء ، فلا يفرح ببسط الرزق لأنه قد يسلبه في أيّة لحظة ، ولا يقنط بقبضه ، لان الله قادر على ان يبسطه في اية لحظة.
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ)