وراءه عمل يقومون به لمعرفة الحقائق ، بل القرآن منهج لفهم الحياة ، واثارة لعقل الإنسان ، بالاضافة الى اشتماله على رصيد لا ينتهي من العلوم والمعارف وهكذا فهو اطار يتحرك عبره البشر ، وبداية الانطلاقة ، وربما هذا هو الفرق بين الامة الاسلامية في بداية انطلاقها ، وعما عليه الآن بعد جمودها.
فالامة الاسلامية في بداية انطلاقها كانت تتخذ من القرآن وسيلة للبحث ، ومنهجا للتفكير ، ولذلك كانوا يشدون الرجال لطلب العلم ولو في الصين لأنهم كانوا طلاب تجربة ، لم يقولوا كما قال البعض : حسبنا كتاب الله ، إذ لم يكن كتاب الله بديلا عن الجهد ، بل كان إطارا له ، ولقد كان رسول الله (ص) يبعث أصحابه الى اليمن ليتعلموا فنون الحرب والتجسس على بعض الاسلحة الجديدة ، ولقد كان يزرع فيهم حب المعرفة بقوله :
«الحكمة ضالة المؤمن»
من هنا نجد القرآن يأمرنا بالسير في الأرض لننظر آثار التاريخ على الأرض مباشرة
(قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ)
ليس فقط ننظر الى ظواهر الأمور ، بل نبحث عما وراء الظواهر من حقائق ، فننظر الى آثار الماضين ، ونستدل بها على حياتهم ، ونعرف منها بعض السنن الاجتماعية التي كانت حاكمة عليهم.
ان السير في الأرض ، والبحث فيها عن ركام القصور المهدمة ، وبقايا المزارع المعطلة ، ونماذج الأدوات المدفونة تحت الانقاض ، يدعونا الى النظر في نهايات تلك الأمم التي كان جل سعيها الخلود في الأرض ، وتحدي سنن الله في الخلق .. لقد بنوا