إلّا أنّ الغلبة كانت للمكذبين الذين أهلكهم الله بصيحة واحدة.
وهكذا يرتفع الاختلاف الظاهر بين روايات التفسير التي تنتقل أنّ الملك آمن ، وبين ظاهر الآية التي تنبّأنا بهلاك أولئك القوم ، ذلك أنّ إيمان الملك ـ حسب هذه الرواية التي نقلها الفخر الرازي ـ لم يؤثّر في الطبقات المسرفة من قومه ، فأنزل الله عليهم العذاب ، والله العالم.
[١٤] وليس المهم أن نعرف تفاصيل القصص القرآنية ، إنّما المهم أن نتدبّر في الجوانب التي يخبرنا ربنا عنها ، لأنّها هي التي تنفعنا ، وتجري علينا سنن الله فيها كما جرت على الأولين.
وهكذا كذّب أولئك الغافلون اثنين من المرسلين فعزّز الله دينه بالثالث.
(إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ)
هل كانا رسولين من عند الله مباشرة؟ أم كانا من عند المسيح روح الله ـ عليه السلام ـ كما تروي التواريخ؟ وإذا كيف يقول ربنا سبحانه : «أرسلنا»؟
ربما كانا نبيّن ـ كما هارون مع موسى ، ويحيى مع عيسى ـ إلّا أنّ المفروض عليهما كان طاعة عيسى ـ عليه السلام ـ باعتباره من أولي العزم.
ولعل رسول عيسى ـ عليه السلام ـ يعتبر عند الله رسوله ، لأنّ عيسى إنّما أرسلهما بإذن الله ، أو ربما بأمر مباشر من الله ، فهما بالتالي رسولان من عند الله.
(فَكَذَّبُوهُما)
بالرغم من أنّ البعض آمن بهما ـ كالصّدّيق حبيب النجار الذي جاء ينذر قومه