أيّ زراعة أخرى؟
[٣٤] ومن آيات الله الأشجار التي تظلّل الأرض ، ومن الأشجار التي يستفيد منها البشر ـ وبالذات في المحيط العربي ـ النخيل ، التي تدخل في صناعة الأدوات المنزلية ، كما ويبنى بها البيوت ، ويتخذ من ثمرتها طعاما وإداما وسكرا ، ويحتفظ بها من أيام ينعها إلى سائر أيّام السنة ، وتهدى من بلد الى بلد ، وهي في ذات الوقت أفضل طعام للإنسان ، لأنّ فيها أكثر ما يحتاجه الجسد من مواد ، حتى روي انها بمثابة عمّة الإنسان ، فعن الرسول الأعظم (ص) قال :
«أكرموا عمتكم النخلة»
(وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ)
إنّ الأشجار يحتاج بعضها الى بعضها ، ولعله لذلك تذكر بصورة مجموعة «جنات» وقد وفّر الله لتنمية الأشجار مئات السنن الطبيعية ، من خصوبة الأرض الى حرارة الجو الى وجود الماء واعتدال الرياح والأمطار و. و. ، وهكذا نسب الله جعل البساتين الى نفسه.
(مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ)
والعنب ـ كما التمر ـ يحفظ لغير موسمه في صورة زبيب ، وهو ذو فوائد غذائية كبيرة ، ولعل عدم ذكر الكرم لقلة فائدته بالقياس الى النحيل ، والتقارن بين النخيل ذات الارتفاع الكبير ، والكرم الذي هو زرع يثير الإعجاب. كيف أنّ الله يصنع من هذه ثمرا ومن ذاك عنبا ، وهما متشابهان بالرغم من اختلاف أصلهما ، فهذه شجرة باسقة وذاك زرع مفروش على الأرض أو على ما يعرشون.