الله ، ولن نكون آخر خلقه سبحانه ، جاء في حديث مأثور عن الإمام الباقر (ع) أنّه قال في تفسير قوله تعالى : (أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ) (١) قال : يا جابر تأويل ذلك أنّ الله عزّ وجلّ إذا أفنى هذا الخلق وهذا العالم ، وسكن أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ، جدّد عالما غير هذا العالم ، وجدّد خلقا من غير فحولة ولا إناث يعبدونه ويوحّدونه ، وخلق لهم أرضا غير هذه الأرض تحملهم ، وسماء غير هذه السماء تظلّهم. لعلك ترى إنّما خلق هذا العالم الواحد وترى أنّ الله لم يخلق بشرا غيركم ، بلى والله لقد خلق الله ألف ألف عالم وألف ألف آدم أنت في آخر تلك العوالم وأولئك الآدميين» (٢)
وأخيرا يرى بعض علماء النفس أنّ أفضل وسيلة لتربية الإنسان أن يعطى له عند بلوغه مبلغ الرجال جهازان يرى بهما عظمة الخلائق ، جهاز ميكرسكوب يرى به عجيب لطف الصنع في خلقة الموجودات المتناهية في الصغر ، وجهاز تلسكوب يرى به عظيم القدرة في خلقة الأجرام المتناهية في الكبر.
[٥٨] هل يستوي من يستوعب هذه الحقائق ببصيرة قلبه فيكون كالبصير ، والذي هو أعمى حتى لو اقتربت منه حقائق الكون جميعا لا يعيها ولا يستوعب دروسها ، وتراه كالشرنقة لا يزال في تلك الزنزانة الضيقة من نسيج أهوائه وشهواته ووساوس الشيطان.
(وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلَا الْمُسِيءُ)
أرأيت الذي قضى عمره في جزيرة مهجورة لا يعلم عن الدنيا شيئا ، هل يختلف
__________________
(١) ق / ١٥.
(٢) المصدر ص ٢٧٧.