تتهاوى صروح الظالمين بلا جهاد وتضحيات ، فإذا لم يستجب له يصيبه اليأس.
رابعا : أنّ تأخير الاستجابة لا يعني التعرّض للقنوط إذ أنّ الله قد جعل لكلّ شيء قدرا.
ولعل الله سبحانه قد أمر له بالاستجابة ولكن وفق سننه الجارية مما يحتاج الى بعض الوقت ، وجاء في رائعة دعاء الافتتاح ما يهدينا الى حكمة التباطئ في الاستجابة :
«مدلّا عليك فيما قصدت فيه إليك ، فإن أبطأ عني عتبت بجهلي عليك ، ولعلّ الذي أبطأ عنّي هو خير لي ، لعلمك بعاقبة الأمور ، فلم أر مولى كريما أصبر على عبد لئيم منك عليّ يا رب»
[٦١] حين تأوي الخلائق الى مساكنها عند هبوط الظلام ، وتستريح الى السكون والهدوء ، وتعيش خلايا الجسم والأنسجة في سبات بعيدا عن آثار أشعة الشمس ، تتجلّى نعمة الليل التي جعلها الله سكنا ، فلولاه لما تجلّت نعمة النهار للإنسان حين تستيقظ الطبيعة ، نباتها وأحياؤها ، وتلبس الكائنات حلّة الضياء حتى لكأنّ بعضها يبصر بعضا ، إذ سبات الليل وسكونه يمهّد لنشاط النهار وحركته وضيائه.
(اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً)
إنّه الله الذي قدّر الليل والنهار بهذه الدّقة المتناهية ، فلو لا حركة الأرض حول نفسها في مواجهة الشمس لما تعاقب الليل والنهار ، ولو دارت بسرعة أكبر مما عليها لتناثر ما عليها وتفكّكت وأصبحت كهشيم يذري في الفضاء الأرحب ، ولو دارت حول نفسها أبطأ ممّا عليها الآن لانعدمت الحياة بالبرد الشديد حينا وبالحرّ الشديد