والإفك هو الانحراف ، وإنّما سمّيت الرياح الهوج بالمؤتفكات لانحرافها ، وانما جاءتها الكلمة بصيغة المجهول للدلالة على أنّ العوامل الخفيّة التي تصرف البشر عن صراط الله تجري بخلاف مصالحه حتى لكأنها تجبره على ذلك جبرا.
وانّه لو اعتصم الإنسان بالله لما قدرت تلك العوامل على إضلاله عن سبيل ربّه وربّ الكائنات.
[٦٣] وإنّما تهيمن عوامل الإفك على البشر ، لأنّه لم يسلم لآيات الله بالرغم من وحي الفطرة ودلالة العقل.
(كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ)
فليس من سبيل هدى إلّا في آيات الله ، فإذا جحدها الإنسان فإنّه ينحرف بفعل العوامل المضلّة.
ولا ريب أنّ من آيات الله كتاب الله ورسوله ، فمن لم يسلم لهما لم يعتصم بحبل الله ، ومن لم يعتصم بالله تقاذفته أمواج الفتن يمنة ويسارا ، وحرّفته عوامل الضلالة الى التّيه البعيد.
إنّ سبيل الله واحد ، وهو الكتاب والإمام ، فمن جحدهما ألزمه الله التّيه الى يوم القيامة.
وإنّ سبيل الله شرعة العقل المنوّر بالوحي ، فمن اتبع أهواءه ، وظنّ أنّ لله طرقا بعدد أنفاس الخلائق ، فقد افترى على الله بهتانا عظيما. أرأيت معالم الطريق وإشارات المرور لو لم تأبه بها في سيرك ، أين ينتهي بك المطاف؟ كذلك الذي لا يهتدي بمعالم الحقّ التي وضعها الله لعباده ، ولم يتبع رسالاته ورسله وأولياءه الذين