يدعون الى رسالاته ويجسّدون هدى رسله.
وكلمة أخيرة : تبيّن لنا خواتيم الآيات في هذا السياق درجات المعرفة وهي العلم والتذكّر والإيمان والتسليم والشكر ، كما تبيّن ما يخالفها من الإفك والجحود ، وهي في ذات الوقت الذي تعالج حالة الكبر ، تبيّن الموقف السليم من آيات الله ، وهو موقف الانفتاح والتسليم ، وتحذّر بشدة من الجحود بها الذي ينتهي الى الانحراف ، وهذا التحذير نجده بصفة مكرّرة في هذه السورة.
[٦٤] لا ينبغي لمن يتقلّب في نعم الله أن يتكبّر على ربّه أو يجحد بآياته ، فالله هو الذي جعل الأرض للإنسان قرارا ، فلو كانت جاذبية الأرض أقلّ أو أكثر إذا لصعبت الحركة فيها أو استحالت ، ولو كانت قشرة الأرض أسمك ممّا هي بمقدار بضعة أقدام لامتصّ ثاني أو كسيد الكربون الأوكسجين ، ولما أمكن وجود حياة النبات ، ولو كان الهواء أرفع كثيرا ممّا هو فإنّ بعض الشهب التي تحترق الآن بالملايين في الغلاف الجوي كانت تدمّر الأرض ولو كانت مادّة الأوكسجين بنسبة ٥٠ خ أو أكثر في الهواء بدلا من ٢١ خ فإنّ جميع المواد القابلة للاحتراق في العالم كانت عرضة للاشتعال ، لدرجة أنّ أوّل شرارة من البرق تصيب شجرة كانت تلهب الغابة نارا ، ولو أنّ نسبة الأوكسجين كانت أقل من ١٠ خ فإنّ مدنيّة الإنسان كانت غير موجودة (١)
هذه الأرض التي كيّفها الله حسب حاجات الإنسان ، أو إن شئت قلت خلق الإنسان بحيث يعيش عليها بتناسق دقيق ، إنّها قرار الإنسان.
أمّا البناء الذي يرتفع فوقه فهو السماء التي جعلها الله سقفا محفوظا ونحن عن آياتها معرضون ، فلا علم لنا حتى اليوم بجميع أسرارها ، بله المساهمة في صنعها
__________________
(١) بتصرّف عن كتاب العلم يدعو للإيمان ، ترجمة محمود صالح الفلكي ، في ظلال القرآن ص ٣٠٩٣.