إنّما هو فضل من الله ومنّة.
(اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً)
ثم خلق الإنسان في أحسن صورة وأفضل خلق ، فما من شيء مخلوق من جماد أو نبات أو حيوان إلّا وفضل الله الإنسان عليه تفضيلا في قوّة بدنه وصلابة أعضائه وقدرة احتماله للصعاب ، وزّوده بالعقل والعلم وسائر الطاقات التي يسخّر بها الطبيعة.
لقد زوّد الإنسان بالحياء ليكون وسيلة تعايشه مع نظرائه والتصاقه بقيمه. أو ليس يقري الضيف بالحياء ، ويفي بالوعود بالحياء ، ويقضي الحوائج ، ويتحرّى الفضائل ، وينشد الكمال ، ويتنكّب الرذائل والقبائح بفضيلة الحياء التي خصّ بها دون سائر الخليقة؟ (١)
وزوّد بالنطق ليكون وسيلة التفاهم ، ونقل التجارب ، وتواصل المعارف ، وتنامي العلوم المختلفة.
فإنّه لو لم يكن له لسان مهيّأ للكلام ، وذهن يهتدي به للأمور ، لم يكن ليتكلم أبدا ، ولو لم يكن له كف مهيّأة ، وأصابع للكتابة ، لم يكن يكتب أبدا ، واعتبر بذلك من البهائم التي لا كلام لها ولا كتابة. (٢)
وزوّد بالعلم عبر العقل والوحي ، وسخّرت به الطبيعة له حتى أصبح سيّدا مطاعا بين موجودات الأرض ، هذا إلى جانب جمال الصورة ، وحسن الوجه ، وتناغم الأعضاء.
__________________
(١) اكتسبنا الأفكار من كلمات الإمام الصادق (ع) في توحيد المفضّل ، من موسوعة البحار / ج ٣ ص ٨١.
(٢) المصدر / ص ٨٢.