وقعت ، ليست ـ في الواقع ـ مختلفة عن آيات الله المبثوثة فيما حولهم ، إلّا أنّهم تعوّدوها فلم تعد تثر فيهم الإعجاب ، وإنّهم لو شاؤوا الإيمان لكفتهم هذه الآيات شواهد على توحيد الله ، ولكن قلوبهم كانت عليلة ، وهم بحاجة الى استيعاب عبرة الأمم الذين خسروا حين جاءتهم الآيات التي طالبوا الرسل بها.
وهكذا نجد السياق ينذر ـ من طرف خفي ـ بمصير أولئك الغابرين كلّ من لا يفتح أبواب فؤاده لآيات الله في الخليقة.
(اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها)
فهي ذات الأنعام ولكنّ الله جعل فيها فوائد عظيمة للبشر فمنها ركوبكم.
(وَمِنْها تَأْكُلُونَ)
والمسافة شاسعة بين حاجة الأكل وحاجة الركوب ، فبينما الأكل طعام الإنسان لا بدّ أن يكون متناسبا مع متطلبات جسده وليّنا ، وقابلا للقضم والهضم ، نجد مركبه ينبغي أن يكون قويّا ومتناسبا وطبيعة الأرض سهلها وحزنها وجبلها وحرّتها!
دعنا نقيس السيّارات التي اخترعناها لسيرنا ، هل تتشابه وخلق الله؟ إنّها بحاجة الى وقود لا يوجد في كلّ أرض ، بعكس طعام الأنعام النابت من كلّ أرض توجد فيها ، وهي بحاجة الى مصانع ، بينما الأنعام تتوالد ، وهي ليست قابلة للأكل بعكس الأنعام .. وأخيرا فهي بحاجة الى طرق معبّدة ، بينما تسير الأنعام في أشدّ السبل وعورة. أو لا يدلّ ذلك على حسن تدبير الله لحياة الإنسان؟!
وبالرغم من أنّ مكاسب الحضارة الحديثة بدورها شاهدة على عظمة الله ، لأنّها