بالتالي تهدينا الى عظيم خلق الإنسان الذي سخّر الله له الطبيعة بالعلم والقدرة ، إلّا أنّها تكشف أيضا عن خبايا الطبيعة المحيطة بنا ، والتي هي خليقة الله ، ومن أحسن منه خلقا وتدبيرا.
[٨٠] وفي الأنعام منافع أخرى في جلودها وأوبارها وأشعارها وحتى في فضلاتها ، واليوم حيث أغنى الله الإنسان بوسائل السير السريعة عن الأنعام لا زلنا بحاجة ماسّة الى تلك المنافع.
(وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ)
قالوا : تحمل أثقالكم الى بلاد بعيدة ، وتقضون بها حوائجكم ، ويبدو لي أنّ في الآية إشارة الى الزينة التي جعلها الله للإنسان في الأنعام ، حيث قال ربّنا سبحانه : (وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ) .
ومعروف العلاقة الحميمة التي تنشأ بين الأنعام ومالكيها بسبب وجود هذه الحاجة في الصدر.
(وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ)
فالله الذي خلق الإبل ليطوي به الإنسان المفاوز البعيدة ، هو الذي أجرى سننه في البحر ، وسخّر للإنسان الفلك ليحمله عبر المحيطات الى البلاد البعيدة.
[٨١] فهذه آيات الله يستعرضها ربّنا في كتاب الخليقة وفي ثنايا كتابه المرسل ، ليعرّف نفسه إلينا من خلالها ، حتى لا نكاد نقدر على إنكارها لشدّة وضوحها وكثرتها وتنوّعها ، فإذا ضلّ الإنسان فإنّما يضلّ على نفسه ، وبعد كمال النعمة وإتمام الحجة.