«الحمد لله الدال على وجوده بخلقه ، وبحدث خلقه على أزليّته» (١) .
وبتعبير آخر : إنّ الزمن جزء من حقيقة الأشياء ، وإنّ هذا آخر ما توصّل إليه علماء الفيزياء ابتداء من كبيرهم إنشتاين.
إنّ بركات الله ورحماته مستديمة على الكائنات فهي تنتقل من طور الى طور أفضل بفضل الله فتتكامل ، ولكنّها قد تنتكس الى الأسفل إن هي تجبّرت وتكبّرت ، ولعلّ هذه هي البصيرة في التكامل والتطوّر ، ونستوحيها من قوله سبحانه في سورة الأعراف : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٢) .
فقد ختمت الآية باسم «تبارك» بعد بيان خلقة الكائنات في ستة أيّام ، ممّا بصّرنا بالتكامل الذي تفضّل الله به على الخلائق ببركته وخيره العميم المستمر.
وفي سياق هذه الآيات نجد قوله تعالى : (وَبارَكَ فِيها) .
جيم : وإنّ علينا أن نعيش وعي الزمن في تقييمنا لما في الكون ليكون تقييما سليما ، فمن لم يضع في حساباته (الزمن) يتكاسل دون أن يعرف أنّ عمره هو هذا الزمن الذي يستهين به ، ولا يرى إلّا ما يجري أمامه فيصاب بالعجلة والجزع ، ولا تحرّكه النتائج البعيدة ، فهو يزداد نشاطا إذا أوتي جزاؤه الحسن عاجلا ، ويخمل كلّما ابتعد زمن الجزاء.
ولعلّ وعي الزمن واحد من الغايات التربوية السامية في كثير من آي الذكر ،
__________________
(١) موسوعة البحار / ج (٥٤) ص (٢٧) .
(٢) الأعراف / (٥٤) .