«وعدّل حركاتها بالراسيات من جلاميدها (١) ، وذوات الشناخيب الشمّ (٢) ، من صياخيدها (٣) ، فسكنت من الميلان ، برسوب الجبال في قطع أديمها وتغلغلها ، متسرّبة في جوبات خياشيمها ، وركوبها أعناق سهول الأرض وجراثيمها» (٤) .
(وَبارَكَ فِيها)
لقد خلق الله الأرض طورا بعد طور ، حتى تكاملت وتهيّأت لاستقبال الحياة ، فبعد أن تصلّبت قشرة الأرض خلق الله فيها الماء من اتحاد الأيدروجين بنسبة ٢ والأكسجين بنسبة ١ ثم تعاون الماء والهواء في تفتيت الصخور وتشتيتها حتى صارت تربة صالحة للزراعة والبناء ، كما تعاونا على نحر الجبال والنجاد وملء الوهاد فلا تكاد تجد في شيء كان على الأرض أو هو كائن إلّا إثر الهدم والبناء. (٥)
ومرّت العصور المختلفة ، وفي كلّ يوم بل كلّ لحظة تتطوّر الكرة الأرضية أكثر فأكثر بإذن الله ، ويبارك فيها ، فحينا بالثلوج التي غطّت وجه البسيطة ، وحينا بالطوفان ، وآخر بالأعاصير ، ورابع بالشروق المستمر للشمس ، وكذلك بتلقّي أشعة تنطلق من النجوم البعيدة ، وبألوان العوامل الأخرى .. وخلال ملايين السنين بارك الله في الأرض.
(وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها)
ومن مصاديق البركة الأقوات التي قدّرها الربّ في الأرض ، حيث أودع التربة
__________________
(١) الجلاميد : الصخور.
(٢) الشناخيب الشمّ : القمم المرتفعة.
(٣) الصياخيد : الصخور الشديدة.
(٤) موسوعة البحار ج (٥٤) ص (١١٢) .
(٥) نقلا عن كتاب «مع الله في السماء» .