الناس برسول الله.
(وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)
فهو أوّل من يسلم وجهه لربّه ، ويعلن عن ذلك ، ويتحدّى ـ بدعوته ـ الطغاة والجبابرة ، كما ويجابه بها شيطان نفسه النزّاعة الى الرئاسة والسلطة.
وهكذا تبصّرنا الآية ـ بكلمات وجيزة بليغة ـ بشواهد الصدق في الدعاة ، وكيف أنّهم الأحسن قولا ، والأسبق إلى تهذيب النفس من شوائب الهوى في الدعوة ، وتهذيب أسلوب الدعوة من الرعونة والخشونة والكلمات النابية ..
إنّ من الناس من يدعو الى الله ، ويختار وسيلة معيّنة لهذه الدعوة ، مثلا ينتمي الى تنظيم رسالي ، أو ينخرط في سلك العلماء والخطباء ، أو يصدر صحيفة ، أو يفتح دارا للنشر .. ويقف الشيطان له بالمرصاد فيضلّه عن السبيل فيحرف اهتمامه من الله إلى تلك الوسيلة التي اختارها ، فإذا به يجعل تنظيمه أو جماعته أو مؤسسته محور دعوته ، ويصارع من أجلها سائر الدعاة الى الله ، وبدل أن يذوّب نفسه في بوتقة الدعوة تراه يذوّب دعوته في بوتقة نفسه ، ويضلّ ضلالا بعيدا.
ولعلّ خاتمة الآية تعالج هذه الحالة ، إذ الإسلام هو التسليم ، والتسليم يتنافى والصراعات المصلحية عند الدعاة يقول أمير المؤمنين الامام علي ـ عليه السلام ـ :
«لأنسبنّ الإسلام نسبة لم ينسبها أحد قبلي ، الإسلام هو التسليم ، والتسليم هو اليقين ، واليقين هو التصديق ، والتصديق هو الإقرار ، والإقرار هو الأداء ، والأداء هو العمل» (١)
__________________
(١) نهج البلاغة / الخطبة (١٢٥) .