نتذكّر صاحب الملك والعظمة و.. و.. الحقيقي ، وهو الله عزّ وجل الذي خلقه من بعد العدم فنسلم له أكثر فأكثر ، وبتعبير آخر لا بد أن ننطلق في تقييمنا للحياة من الإيمان بالله ، لأنّ كل ما فيها مخلوق له سبحانه ، وإذا اشتمل على شيء من الحسن فهو قبس صغير من أسمائه الحسنى.
[٥] (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَ)
ربما يتصوّر البشر أنّ أقوى وأكبر شيء في الكون هو السموات بعلوّها وقصور علمه عنها ، حتى أنّ علماء الفلك كلما أجهدوا أنفسهم في اختراع أنواع المناظر ذات القوة الهائلة اكتشفوا المزيد من الكواكب والمجرّات حتى انتهى بعضهم الى النظرية القائلة بتوسّع الكون المستمر .. والقرآن هنا يهدينا الى أنّ هذه السماء التي هي أعظم شيء في نظرنا تكاد تتفطّر من خشية الله.
ومع أنّ السموات جمع مؤنث لغير العاقل ، والذي يناسبها هو كلمة «تتفطّر» ، نجد الآية هنا تعبّر عنها كما لو كانت من ذوي العقول : «يتفطّرن» ذلك للدلالة على أنّها في مقام العبودية لله والخضوع له شأنها شأن سائر العقلاء ، فهي تخشاه.
وكيف لا تتفطر السموات إذا تجلّى الربّ لها أو اخترقها وحي الله ، وهي مشفقة من الساعة ، منتظرة لأمر الله لطويها كطيّ السجلّ للكتب ، ولا تزال زجرات ملائكة الله تلاحق الأجرام السابحة فيها ألّا تحيد عن أمر ربّها قيد شعرة.
أعرفتم ماذا يعني وحي الله ، وما هي عظمة رسالات الله ، وأيّ مقام كريم ينبغي أن نجعلها فيه؟
سبحانك اللهم افتق عقولنا بنورك حتى نعرف قدر وحيك ، ولا نخسر الدنيا والآخرة بالإعراض عنه أو الاستهانة بأحكامه ..