فوق ما ينسب إليهم من الأنوثة (وهي مرتبة أدنى في زعمهم) ودون ما يتصوّر من أنّ فيهم جزء من الالوهيّة.
ولأنّهم عباد الرحمن فلا يجوز أن يتخذ منهم الرحمن بنات ، وقد شملت رحمته كلّ خلقه ، وكيف تتفاوت الخليقة تفاوتا ذاتيّا ، وهي كلّها مخلوقة لربّ واحد ، بلى. إنّما يتفاضل الخلق بينهم بما يهب الله لهم حسب حكمته البالغة.
والآية تنسف أساس النظرة الشيئية الى المخلوقات التي هي أساس الشرك وأساس كلّ الزيغ البشري ، ببيان جهلهم المطلق بذلك الغيب ، فهم لم يشهدوا خلق الملائكة فكيف يحكمون بأنّهم بنات؟! وأساسا هل يجوز أن يتحدّث الإنسان عمّا لم يؤت علمه؟!
(ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ)
فهم يتكلّفون علم ما لا قبل لهم به ، إنّهم أرادوا أن يعرفوا كيف آتاهم الله العقل والإرادة ، وكيف يجوز لهذا الإنسان المحدود أن يختار بنفسه ، وأن يتجاوز العوامل الضاغطة ، فوقعوا في ضلال بعيد.
(إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ)
أرأيت كيف يخمّن الخرّاص وزن التمر على النخل؟ إنّه يعتمد على معلومات غير كافية ، يضيف إليها من خياله الخصب ما لا يغنيه عن الحق شيئا.
ويوحي هذا التعبير بأنّهم بنوا على فكرة صحيحة نظرية خاطئة ، فالصحيح هو وجود دوافع ضاغطة ، والخطأ هو أنّها تسلب إرادة الإنسان.
صحيح أنّ للاقتصاد أثرا كبيرا على قلب الإنسان ، وأنّ الناس عبيد الدنيا ،