الصاحب العلامة ، رئيس الشام كمال الدين أبو القاسم الهواري العقيلي الحلبي ، المعروف بابن العديم.
ولد سنة ست وثمانين وخمسمائة وتوفي سنة ستين وستمائة ، وسمع من أبيه ومن عمه أبي غانم محمد ، وابن طبرزد ، والافتخار ، والكندي ، وابن الحرستاني ، وسمع جماعة كثيرة بدمشق ، وحلب ، والقدس ، والحجاز ، والعراق ، وكان محدثا حافظا ، مؤرخا صادقا ، فقيها ، حنيفا ، مفتيا ، منشيا بليغا ، كاتبا مجودا ، درس وأفتى ، وصنف وترسل عن الملوك ، وكان رأسا في الخط المنسوب اليه بالنسخ والحواشي.
أطنب الحافظ شرف الدين الدمياطي في وصفه ، وقال : ولّي قضاء حلب خمسة من آبائه متتالية ، وله الخط البديع ، والخط الرفيع ، والتصانيف الرائقة ، منها تاريخ حلب ، أدركته المنية قبل إكمال تبييضه ، وروى عنه الدواداري وغيره ، ودفن بسفح المقطم بالقاهرة.
قال ياقوت : سألته لم سميتم ببني العديم؟ فقال : سألت جماعة من أهلي عن ذلك فلم يعرفوه ، وقال : هو اسم محدث لم يكن آبائي القدماء يعرفون به ، ولم يكن في نساء أهلي من يعرف بهذا ، ولا أحسب الا أن جدّ جدي القاضي أبا الفضل هبة الله بن أحمد بن يحيى بن زهير بن أبي جرادة ـ مع ثروة واسعة ، ونعمة شاملة ـ كان يكثر في شعره من ذكر العدم ، وشكوى الزمان ، فان لم يكن هذا سببه ، فلا أدري ما سببه.
قال : ختمت القرآن ولي تسع سنين ، وقرأت بالعشر ولي عشر سنين ، ولم أكتب على أحد مشهور ، الا أن تاج الدين محمد بن أحمد بن البورنطي البغدادي ورد الينا الى حلب ، فكتبت عليه أياما قلائل ، لم يحصل منه فيها طائل ، وله كتاب «الدراري في ذكر الذراري» جمعه للملك الظاهر ، وقدمه اليه يوم ولد ولده