وفي باب العناية في انشاء ابنه وتثقيفه صحب أحمد بن هبة الله ولده عمر في رحلاته وأسفاره ، حيث زار دمشق أكثر من مرة كما زار بيت المقدس ورحل الى العراق والحجاز.
وعندما بلغ سن الشباب وجد ابن العديم السبل أمامه كلها مفتوحة لمستقبل لامع ، وكان لمواهبه وثقافته وأسرته الفضل الأكبر في تحقيق نجاحاته ، وهنا يحسن التوقف قليلا للتعرف الى أسرة ابن العديم ، وذلك قبل متابعة الحديث عن مراحل حياته :
يعرف الجد الأعلى للصاحب كمال الدين باسم ابن أبي جرادة ، وكان صاحبا لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، ينتسب الى ربيعة من عقيل احدى كبريات قبائل عامر بن صعصعة العدنانية ، وكان يقطن مدينة البصرة ، وفي هذه المدينة عاش أولاد آل أبي جرادة وأحفادهم ، وفي مطلع القرن الثالث للهجرة قدم أحد أفراد أسرة أبي جرادة الى الشام في تجارة وكان اسمه موسى بن عيسى وحدث آنئذ أن ألم بالبصرة طاعون ، لهذا قرر موسى البقاء في الشام ، واستوطن مدينة حلب ، وفي هذه المدينة التي كانت عاصمة شمال بلاد الشام ، ومفتاح الطريق الى العراق وبلاد المشرق الاسلامي مع آسية الصغرى والأراضي البيزنطية ، فيها خلف موسى بن عيسى أسرة نمت مع الأيام عددا ومكانة وثروة وشهرة ، وتملكت هذه الأسرة الأملاك ، كما ساهمت في جميع ميادين الحياة في حلب من سياسة وعلم وقضاء وادارة وتجارة وغير ذلك ، وبهذا غدت أسرة آل أبي جرادة من أبرز أسر حلب ، وظلت هكذا حتى حل بحلب الدمار على أيدي جيوش هولاكو ، كما ظلت محتفظة باسمها ذاته طوال تاريخها ، انما في القرن الأخير من حياتها كسبت اسما اضافيا ، أخذ رويدا يعم في الاستعمال أكثر من الاسم الأصيل ، لكنه لم يلغه ، وكان الاسم الجديد هو «العديم» ، ونحن لا نملك تعليلا لسبب هذه التسمية ، فقد قال ياقوت : «سألته